تشكل التغيرات المناخية علي الكرة الأرضية اليوم تحديا يصعب تجاوزه لجدلية ظاهرة الأحتباس الحراري وأنعكاسات تلك التغييرات على حياة الإنسان وقد تؤدي إلي تدهور البيئة والتنمية الأقتصادية.
ويعزى البعض الآخر إن السبب الرئيسي وراء ظاهرة التغيرات المناخية المستمرة إلي النشاط البشري وسوء استغلاله للموارد الطبيعية المتاحة والذي أدي إلي اختلال التوازن البيئي، وان تغير المناخ حقيقة علمية معقدة له تداعيات سياسية واجتماعية واقتصادية وبيئية.
ومن المنتظر ان يلقى الأحتباس الحراري علي الأمن الغذائي على الدول الفقيرة أكثر منه على الدول الغنية بالرغم من كونها لا تساهم بنسبة كبيرة من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ويعود ذلك إلى هشاشة اقتصاديات هذه البلدان في مواجهة التغيرات المناخية والضغوط المتعددة التي تضاف إلى قدرات التكيف ضعيفة.
ومن منا لم يسمع بكلمة الاحتباس الحرارى؟ ومن منا لم يسمع بتأثير الاحتباس الحرارى علي طبقة الأزون ؟ ومن منا لم ولن يسأل نفسه عن مدي تأثير الأحتباس الحرارى علي كوكب الأرض والتغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة في العالم ؟
من هذه الزاوية، نطرح السؤال الأستراتيجي، هل العالم جاهز للتعامل ما سوف يترتب علي الكرة الأرضية من مخاطر أرتفاع درجة حرارة علي حياة الإنسان وما تلقيه هذه الظاهرة من ظلال قاتمة علي مستقبل الأجيال القادمة في افريقيا عامة والسودان خاصة؟.
هنالك مؤشرات، وردت في تقرير الفريق الدولي لخبراء المناخ تفيد بأن الأرض تخضع ليس لتقلبات المناخ الطبيعية ولكن أيضا لتأثيرات الأنشطة الاقتصادية البشرية، وتأثيره بشكل مباشر علي كافة أوجه الحياة علي كوكب الأرض، الأمر الذي أثار مخاوف العديد من المراقبين بخطورة تلك التغييرات علي حياة الأنسان وقدرته علي التعامل مع هذه الظاهرة.
هل أرتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية سيؤدي إلي تحول مساحات كبيرة خضراء الي صحراء جردا، وهل التغييرات المناخية ستؤدي إلي حالة من الرعب والهلع والخوف والجوع والفقر في أفريقيا عامة والسودان خاصة ؟
دعونا نضع المشرط في يد الطبيب الحاذق ليشخص لنا الداء ويصف لنا الدواء، كيف سيكون حال السودان في ظل الصراع الدولي والاقليمي للسيطرة علي موارده في وجود حكومة حمدوك التي جاءت لإزالة التمكين بالتمكين والتناحر السياسي بين الأقطاب الحزبية وحركات الكفاح المسلح وتصاعد أرتفاع درجة حرارة وانعكاسه علي الجغرافيا السياسية في السودان .
ويقول الخبير في العلوم الأستراتيجية دكتور محمد علي تورشين من جنيف أن العالم اليوم كله مشغول بوباء كورونا الذي اقلق مضاجع السادة والامراء والأغنياء والفقراء ورجال الأعمال والمشاهير والدول والحكومات، لكن هناك خطر يلوح في الأفق هو ارتفاع درجة الحرارة في الكرة الأرضية سيلقي بظلال سالبة علي حياة الانسان خاصة في السودان علي الابعاد الأربعة منها الأمن الغذائي والتصدي علي الزحف الصحراوي في المناطق التي تتوفر فيها المياه والاستقرار.
ويؤكد الخبير تورشين بان من المرجح أن يتأثر الإنتاج الزراعي والغذائي سلبيا لدى العديد من البلدان النامية خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء، والسودان من ضمنها بسبب تغير المناخ وينعكس التغيير لذو الدخل المحدود وتزداد معدلات الجوع والفقر بسبب آثار الجفاف والأعاصير، والذين يقطنون في ضفاف الانهار ومناطق الفيضانات لا يستطيع المزارع التكيف مع تغيرات المناخ والتكاليف الباهظة لتوفير الأمن الغذائي والحد من الفقر المدقع.
وفي ذات الأتجاه يري الخبير في ابحاث ودراسات الرحل والرعاة دكتور عبدالمجيد داؤد ابوماجدة ان الرعاة والرحل في افريقيا عامة والسودان خاصة يعيشون اليوم بدايات تعبير الظاهرة عن نفسها من خلال الصراع علي الموارد في دارفور، وعلينا متابعة أخبار التغيرات المناخية ونتائجها، وأن كافة الجهود يجب أن تنصب على كبح الظاهرة بقدر المستطاع حتى لا تتطور الأمور لما هو أسوأ .
ويمضي الخبير ابوماجدة ان إفريقيا جنوب الصحراء ستتأثر بتلك التغيرات المناخية على نطاق كبير، والسودان يقع في الحزام الصحراوي ولابد لنا من تقييم آثار التغيرات المناخية وانعكاساتها على وضع الغذاء في إفريقيا، وحجم الفجوة الغذائية ونسب الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وما هي السياسات التي تتبعها حكومة السودان لتوفير ضمان والحماية الآمن لتفادي الآثار المستقبلية للتأثيرات المناخية على الزراعة بسبب تزايد الانبعاثاث الكربونية على إنتاجية المحاصيل الزراعية.
وقال الخبير أبوماجدة الآن نشهد الصراع بين مصر واثيوبيا حول سد النهضة وتدخل الولايات المتحدة والخزانه الامريكية والبنك النقد الدولين وأصرار اثيوبيا لملء سد النهضة في وقت وجيز دلائل أن قضية الأمن الغذائي بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ستلقى اهتماما واسعا على كافة المستويات خاصة في ظل المتغيرات والمستجدات الإقليمية والعالمية.
من خلال التحليل الأخباري سنواصل تسليط الضوء علي ظاهرة أرتفاع درجة الحرارة في الكرة الأرضية ومدي تأثيرها علي أفريقيا عامة والسودان خاصة ونطرح عدة تساؤلات في سلسلة من الحلقات.
243