قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وإزالة التمكين بين الرفض والقبول
تقرير اخباري
اختلفت وجهات نظر العديد من الخبراء القانونيين بشأن قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 وازالة التمكين (تعديل) 2020.
وأكد ابوعبيدة عبدالرحمن الخبير القانوني والمحامي أمام كافة المحاكم ان القانون يتوافق تمامًا مع روح الثورة وهدفها الرئيسي بتحقيق العدالة وأنه لا يمكن لأحد بموجب القانون أن يهرب من العقاب ، بغض النظر عن وضعه وموقعه وحصانته السياسية مبينا ان البند الثاني من المادة 12 يلغي أية امتيازات خاصة بوضع الشخص والفقرة 1 من نفس المادة تلغي مدة التقادم – وهذا لن يسمح بالاحتماء بمسألة تقادم زمن ارتكاب الجريمة.
وأضاف ابوعبيدة ان القانون يسمح بالقضاء التام على المحسوبية ومحاباة الاقارب ومعاقبة أي جرائم ارتكبها النظام السابق وجميعها مدرجة في المادة 13 من قانون ازالة التمكين وكل الذين شاركوا ودعموا ، واستخدموا علاقاتهم واعطوا او وأخذوا رشاوى بموجب القانون سيقدمون للعدالة
مشددا على أنه يجب عليهم ليس إعادة الأموال المنهوبة فحسب ، بل أيضًا ان يقبعوا في السجن.
وأشار الخبير القانوني ابوعبيدة إلى أن القانون لا يحتوي فقط على بنود بشأن الأموال المنهوبة ولكنه ينص أيضًا على تحصيل التعويض عن المكاسب الضائعة نتيجة الأعمال الإجرامية موضحا اشتمال البند الثالث من مادة القانون رقم 12 على ذلك َويجب ايلاء الانتباه إلى تلك النصوص والنقاط.
ونوه ابوعبيدة الي عدم القلق والتخوف من معاناة الأبرياء مؤكدا ان المادة 8 ، تمكن الشخص من الاستئناف بخصوص قرار اللجنة وإذا أثبتت براءته فسيتم إرجاع الممتلكات له وإعادة الاعتبار اليه.
وطالب سيادته جموع المواطنين بمساعدة لجنة إزالة التمكين ومدها بالمعلومات اللازمة لاداء عملها بكل كفاءة مشيرا إلى أنه على مدى 30 عامًا ، تغلغل “نظام الإنقاذ” في جميع مجالات الحياة ونشر الفساد في كل مكان وأن اللجنة ستواجه صعوبة بالغة وستكون بحاجة إلى مساعدة المواطنين الواعين ويجب على السودانيين المساعدة في استعادة العدالة وإبلاغ لجنة ازالة التمكين عن الحقائق الإجرامية المعروفة لهم وفي الوقت نفسه ، سوف يحميهم القانون وهو ما تم الإشارة إليه مباشرة في البند 4 من المادة 12.
ومن جانبه أوضح احمد حسن عمر الخبير القانوني والاستراتيجي أن قانون التفكيك جاء في وقته وهو وضروري لتحقيق أهداف الثورة مبينا ان هناك بعض المواد والنقاط ضمن القانون مثيرة للجدل حيث تنص المادة 2 على ان هذا القانون فوق جميع القوانين وهذا يتعارض مع المادة 3 من الإعلان الدستوري التي تنص على أن “الوثيقة الدستورية هي أعلى قانون في البلاد”.
مشددا على ان النقطة الرئيسية الثانية التي يجب الانتباه إليها هي أن أنشطة اللجنة تحل محل أنشطة المحاكم والنيابة العامة على وجه الخصوص ، ويمكن للجنة التفكيك أن تطرد الأفراد بشكل مستقل وأن تصادر الممتلكات والأموال دون أمر من المحكمة وهذا يتعارض ليس فقط مع القانون السوداني ولكن أيضًا مع المعايير الدولية. وعلى سبيل المثال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المعتمد بموجب القرار 217 А (III) للجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948) واتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لعام 1950 بل أن الوثيقة الدستورية لعام 2019 في المادة 62 تنص على ان لكل مواطن الحق في التملك وفقا للقانون ولا يمكن مصادرة الملكية الخاصة إلا بموجب القانون ومن اجل المصلحة العامة مقابل تعويض فوري عادل ولا تتم مصادرة الأموال الخاصة إلا بأمر من المحكمة.
وأضاف احمد حسن ان القانون يحتوي على الامور الإجرائية لعمل اللجنة ونظام جمع وتوثيق الأدلة وإمكانية حماية الأشخاص الذين يتم اتخاذ القرارات بشأنهم وعلانية اجتماعات اللجنة التي تجتمع ببساطه عندما يحلو لها وتقرر بأغلبية الأصوات. موضحا ان المادة 6 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (روما 4 نوفمبر 1950) تنص على أنه يحق لكل شخص في حالة وجود نزاع حول حقوقه وواجباته المدنية أو أي تهمة جنائية ضده له الحق في محاكمة عادلة وعلنية في غضون فترة زمنية معقولة من قبل محكمة مستقلة ومحايدة منشأة بموجب القانون.
واستعرض احمد حسن الفقرة الفرعية (ط) البند 1 من المادة 7 من قانون ازالة التمكين مؤكدا انها تنص على أنه يمكن للجنة الوصول إلى أي معلومات مصرفية والوصول للحسابات وسحبها مما يمثل انتهاك للسرية المصرفية ويمس بالحياة الخاصة المكفولتين على وجه الخصوص بموجب المادة 17 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المعتمد بموجب قرار الجمعية العامة 2200 А (XXI) المؤرخ في 16 ديسمبر 1966) وان كل شخص يملك الحق في الحماية القانونية من مثل هذا التدخل أو مثل هذه التعديات.
وأضاف الخبير احمد ان النقطة التالية المهمة للغاية هي أن الهيئة تحل محل مجلس السيادة ومجلس الوزراء في أنشطتها ، لأنه وفقاً للفقرة الفرعية (ي) من البند الاول للمادة 7 يجوز للجنة أن توصي اية هيئة او سلطة خاصه بإلغاء القوانين أو اتخاذ تدابير ضرورية اخرى أو وفقًا للفقرة الفرعية “ح” من نفس المادة – القيام بإجراء تغييرات على القواعد أو الأوامر الصادرة عن أي من هيئات إدارة النظام الثلاثين من يونيو 1989.
منوها الي ان الكثيرين يقعون تحت طائلة هذا القانون ودائرة هؤلاء الأشخاص الغير محدودة وان أي نشاط كان يمكن أن يدر دخلاً اثناء وجود النظام السابق بما في ذلك معاشات الموظفين يمكن ان يبدو مريبا لأعضاء اللجنة لسبب أو لآخر كما هو محدد في المادة 13 وإذا كان قد تم توظيفك اثناء الثلاثين عامًا الماضية او كنت مشاركًا في منظمة اجتماعية عامة أو نقابة عمالية أو كنت موظفًا حكوميًا أو عملت في شركة تشارك فيها الحكومة او ببساطة حتى لو لم تستطع تفسير مصدر أموالك فأنك تخضع لطائلة القانون ويمكنك الطعن في قرار اللجنة ولكن ليس من خلال المحكمة لأن هذا الاحتمال غير منصوص عليه في القانون ولكن من خلال تقديم طلب إلى نفس اللجنة التي قررت إدانتك مع عدم تحديد فترة النظر في الشكوى في أي مكان ولا يشكل الطعن أساسًا لتعليق تنفيذ قرار اللجنة.
وأكد سيادته ان كل ذلك يتعارض مع قواعد القانون الدولي والوثيقة الدستورية حيث تضمن المادة 53 لكل شخص الحق في المحاكمة ولا يجوز حرمان أي شخص من الحق في التماس العدالة. وانتقد بشدة نصوص القانون موضحا انه وبشكل عام كلام فارغ لأن هذه الأحكام تلغي افتراض البراءة وتتناقض بشكل صارخ ليس فقط مع الوثيقة الدستورية ولكن أيضًا مع قواعد القانون الدولي. و أنه يمكن اعتبارك مذنبا غيابيًا وبموجب هذا القانون يجب عليك أن تثبت براءتك بدون وجود آلية شفافة .
مبينا ان النظام السابق تسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه لبلدنا وكان ضحايا أفعاله كل سكان السودان. لكن الثورة تهدف إلى تحقيق العدالة وسيادة القانون لذا من المهم ألا يصبح قانون تفكيك النظام السابق أداة سياسية لتسوية وتصفية الحسابات الشخصية.