مؤشرات عديدة تشيرالى تقدم واضح في عملية التفاوض الجارية الآن في جوبا سيما مسار دارفور مع حركات الكفاح المسلح إلا أن ورقة المصالحات والعدالة الإنتقالية أثارت بعض الغبار فمن النقاط الأساسية فيها الحديث حول تسليم الرئيس السابق عمر البشير وآخرين كما جاء في تصريحات عضو وفد التفاوض المتحدث باسمه محمد حسن التعايشي هذه النقطة على وجه الخصوص أثارت الكثير من الجدل وبحسب مراقبين فإنها ستربك الإستقرارفي البلاد بشكل كبير لأن هنالك ربما إلتزاما كانت قد قطعته القوات المسلحة في وقت سابق بأنها لن تسلم اي من قياداتها لمحاكمته خارج السودان ولهم في ذلك منطق يتفق معه الكثيرون إذ يرى المحلل السياسي الأستاذ محي الدين محمد محي الدين أن أجهزة تطبيق العدالة في السودان موجودة وعلى درجة كبيرة من الإستقرار كما يشير الى تعديلات في القانون الجنائي كانت قد تمت في وقت سابق بتضمينه بعض المواد االمتصلة بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وهو أمر يتفق معه الخبير القانوني الأستاذ مجاهد عثمان الذي يوضح أن القانون الجنائي لسنة 1991م تعديل 2010م تضمن المواد سابقة الذكر { من 186 ــــ 192} الأمر الذي يعني عدم وجود مشكلة في محاكمة كل من يثبت تورطه في جرائم حرب في دارفور داخل السودان وبالتالي تحقيق العدالة دون التأثير على المؤسسات القائمة أو التشكيك في نزاهتها فضلا عن زوال ولاية المحكمة الجنائية علي هذه المؤسسات القائمة لأنه وبموجب إتفاق روما الذي تأسست بناء عليه المحكمة الدولية فإن دور المحكمة الدولية تكميلي في حال عجزت الأجهزة العدلية الوطنية عن إنفاذ هذا الدور وهو أمر بحسب محي الدين ينطبق على الدول الفاشلة التي ليست بها منظومات عدلية قائمة والتي قطعا ليس من بينها السودان بالتالي المبررات لهذا الأمر غير متوفرة بشكل كبير الي جانب أنها ستؤثر على عملية الإستقرار في البلاد بينما يشير الخبير القانوني مجاهد عثمان الى أن ميثاق روما يتيح ثلاثة خيارات لمثل هذه الحالات ،المحاسبة الداخلية ومحكمة جنائية داخلية خاصة بإشراف دولي أو تسليم المتهمين لكن مجاهد يفضل الأخذ بالخيار الثاني . الجميع متفقون على أنه من المهم جدا في مسيرة بحثنا عن العدالة الإنتقالية أن نبحث عن ما يعزز من تماسك اللحمة الوطنية والنسيج الإجتماعي حتى لا تدخل البلاد في متاهات الفوضى كما أن العدالة الإنتقالية تستدعي ان نعمل على تثبيت الأوضاع في البلاد دون أن نخل بمبدأ تطبيق العدالة في أساسه .