بيت الشورة
عمر الكردفاني
قوات السجون…..شؤون وشجون
يقال إنه في إحدى الليالي المطيرة ذات الرياح القوية سقطت إحدى جدران السجن العتيق (سجن السائر أو سجن ام درمان ) وما أن انهار الجدار الضخم حتى هرب النزلاء ……نعم هربوا ولكن إلى داخل السجن إلى المناطق المغلقة ،ودلالة الأمر هو أن هؤلاء النزلاء قد اقتنعوا تماما بوضعهم من ناحية العدالة في التقاضي والمعاملة الإنسانية داخل السجن حيث تنشأ علاقة طيبة بين النزيل وقوات السجون وغالبا يقتنع النزيل أن لا علاقة بين وضعه في السجن وبين أفراد قوات السجون حتى وإن شعر أنه واقع تحت نير ظلم ما فهو لا يحمل السجان وزر الآخرين وقد قال بعض الظرفاء أن السجناء لم يريدوا أن يدخل عليهم المواطنون الذين طحنهم التردي الاقتصادي وذلك كان أواخر عهد الإنقاذ ،هذا الوضع يفسره النجاح الطاغي لمنبر وزارة الداخلية الدوري والذي جاء هذا الشهر مستضيفا قوات السجون بقيادة سعادة الفريق شرطة ياسر ابوزيد وأركان سلمه اللواءين نصر الدين سليمان وعلاء الدين سراج والمقدم ياسر عطية حيث ابتدر المنبر سعادة وزير الداخلية خليل باشا سايرين في تقديم مختصر ومحكم المنبر ثم ترك إدارة المنصة لسعادة العقيد نميري الذي قدم سعادة الفريق ياسر مباشرة وهنا رأيت العجب أذ قدم السيد الفريق محاضرة ضافية عن قوات السجون تاريخيا حيث استفاد جميع الإعلاميين من المحاضرة الشيقة حتى أنهم صرحوا باعجابهم الطاغي بما قدمه الاخ الفريق من تاريخ للسجون السودانية ومراحل التطور وعدد السجون مشيرا إلى التضحيات الجسام لمنسوبي السجون إبان هذه الحرب اللعينة مقدما عدد النزلاء الذين أطلقت المليشيا سراحهم وطريقة إدارتهم لشأن السجون وأجاب عن تساؤلات الزملاء حول العدد والسجناء السياسيين والارهابيين العالميين الذين اخرجتهم المليشيا لتستعين بهم في التنكيل بالشعب السوداني ،لم يكن الإخوة اللواءات بأقل ادهاشا من قائدهم حيث قدموا شروحا وافية لمؤسسة السجون وطريقة التعامل مع النزلاء حيث أوضحوا أن مهمتهم الأساسية هي الحفاظ على النزيل صحيحا معافى بدنيا ونفسيا إلى أن تحين إحدى ثلاثة لحظات :الإعدام للمحكومين به أو الإفراج لمن لم تثبت إدانته أو البقاء إلى ما شاء الله للمحكومين بالسجن لفترات طويلة ، وفي كل الأحوال النزيل هو الذي يحدد الطريقة التي سيعامله بها منسوبي السجون فقد تجد محكوم اعدام يحترم نفسه ويطيع اللوائح فيتم التعامل معه بالمثل وتجد صاحب جنحة يقضي معظم أيامه بالحبس الأنفرادي.
الحديث عن السجون ذو شجون ولكن ما تناوله المنبر الخاص بالسجون جعل الإعلاميين يشيدون بهذه الإدارة ذات الدور العظيم في تحقيق الميزان الدقيق لامن المجتمع من حيث الاحتفاظ بمن يخل بالأمن إلى أن يتضح العكس أو تنفيذ حكم الاعدام فيمن أمر القضاء بذلك في حقه ،والوقوف عند محكومي الإعدام لحظة التنفيذ يحتاج إلى مجلدات ،فهؤلاء الرجال الذين تحسبهم بلا قلوب لو لم تخالطهم قد تجدهم مهرولين بلا أحذية بين أهل القاتل وأهل القتيل في آخر محاولة للعفو إذا أحسوا أن هنالك بريق امل واحسوا أن نزيلهم يستحق فرصة للنجاة وانا جد آسف لما أوردته لكنها الحقيقة فقد شهدت من قبل مثل هذه المواقف وهو ليس دليل ضعف بقدر ما هو دليل على أن الإنسان يظل إنسانا ويخلع جلباب الوظيفة لإنقاذ روح ،وفي الغالب يسعى الإخوة في السجون إلى هذه التصرفات في الحالات التي قد يحتمل أن القاتل فيها قد استقام (وما أكثر التائبين داخل السجون) .
ثم ماذا بعد ؟
قد يجف المداد دون أن نقدم نذرا يسيرا من العرفان في حق رجال هم صمام أمان لهذا الوطن ، ولا ننسى معركة قوات السجون في الحفاظ على النزلاء أثناء اقتحام مليشيا الجنجويد للسجون السودانية لإخراج منسوبيهم المجرمين ولخلق فوضى غير خلاقة هي التي عاشتها البلاد ولعمري أن يترك انسان عائلته في هذه الظروف الأمنية الدقيقة ويدلف إلى سجن كوبر مدافعا عن النزلاء حتى آخر رمق لهو ضرب من الوطنية والإخلاص في العمل والتجرد ونكران الذات ،ولا ننسى الضباط وضباط الصف والجنود الذين حافظوا على سجلات السجون حتى وصلت إلى بورتسودان وتم اعتمادها في قوائم المنع من السفر والتي كانت لي معها قصة طريفة حيث تطابق اسمعي مع أحدهم إلا أن يقظة سلطات الجوازات بمعبر ارقين خلصتني من الورطة ولي عودة في هذا الأمر إن شاء الله