بيت الشورة
عمر الكردفاني
خايلة الرتبة فوق (مصطفى محمد نور)
لعلي من أكثر الناس حظا في حياتي لأن الله غيض لي أن أطوف السودان الا قليلا وتعرفت على معظم قبائله ومختلف سحناته بالإضافة إلى معظم التصنيفات الاجتماعية السياسية والعسكرية ، وقد التقيت ببعض اصدقائي في ظروف بالغة التعقيد وخصني الله تعالى باصدقاء من الطراز الرفيع في الخلق والأخلاق والشيم الفاضلة ….لله الحمد والمنة .
في العام 2016 قدم لي صديقي الراحل المقيم الشرتاي جعفر عبد الحكم اسحق الدعوة لقيادة مجموعة من الزملاء الصحافيين للدخول معه لأول مرة كوال لولاية وسط دارفور للدخول الى عمق جبل مرة حيث تم تطهيره ذلك الوقت من قوات عبد الواحد محمد نور ،وصلنا زالنجى اول ايام شهر رمضان المبارك ووجدنا موكب السيد الوالي المكون من حكومة الولاية كاملة جاهزا للتحرك وقد كان ،تحركنا منتصف النهار وبعد رحلة مشوقة الا أنها غاية في الخطورة والتحدي وصلنا إلى عاصمة جبل مرة محلية قولو الأنيقة ،وجدناها خلوا من المواطنين وكان افطارنا مشكوك فيه إلا أن مجموعة من النسوة هبطن من أعالي قمم الجبل المهيب يحملن افطارا كان هو الاروع في حياتي ،نعم لقد كان سكان قولو قد انتشروا على القمم وفي الوديان خوفا من بطش قوات عبد الواحد ،في الصباح الباكر قمنا بجولات هنا وهناك وعقد مجلس وزراء الولاية جلسته الأولى بإحدى المدارس المتهالكة وكان السوق مغلقا ،عند اليوم الثاني كانت قولو قد عادت مدينة ضخمة ذات سوق واتصالات وطلاب ومواطنين فرحين بمقدم واليهم المحبوب الراحل الشرتاي جعفر عبد الحكم .
سألنا عن القائد العسكري للمنطقة فقيل إنه يتقدم قوات أعلى قمة مطروقة (سورونق) واتتنا حكايات عن بسالته وإقدامه وعن عهده مع ضباط وضباط صف وجنود قواته أن لا يمد أحدا يده لاي قطعة فاكهة الا بعد دفع قيمتها مع أن مزارعي جبل مرة يسمحون لاي زائر أن يأكل ما يشاء ولكن لا يحمل معه زائدا عن حاجته إلا أن القائد العميد وقتها (مصطفى محمد نور) قال إن قواته في حالة جهاد وأنها يجب أن تنقي نفسها عن أي شبهة من الحرام ،وقد كان ،فقد نظف الرجل جبل مرة تماما من التمرد وبسط هيبة الدولة حتى أنني عندما عدت مجددا إلى الجبل بعد عامين رفقة برنامج ارض السمر استطعنا أن نعبر سورونق إلى قمم أخرى صورنا بها حلقات مميزة للبرنامج الرائع.
لم تنقطع صلتي بالاخ اللواء والوزير فيما بعد مصطفى محمد نور والحق يقال لقد ظل الرجل مبادرا في التواصل معي برغم مسؤولياته بل حتى وصولي إلى بورتسودان بعد الحرب بشهر فقط ظل الرجل يهاتفني يوميا لازوره والتقيه ولم يكف هاتفه عن الاتصال إلى أن التقيته ،وبعد تسنمه الولاية ظل مصطفى محمد نور هو هو الاخ والصديق الذي لا تغير معدنه المناصب والرتب.
نعم تمت ترقيته إلى رتبة الفريق ولكني أظن أن زيادة الخير خيرين إذا تم الحاقه بمجلس السيادة ممثلا لشرق السودان لأن الرجل مقبول لدى جميع أهل السودان وليس الشرق فقط ومؤهل لأن يتسنم أعلى المراتب بذات تواضعه وطيبة قلبه وحنكته الإدارية والأمنية والعسكرية .
إن شرقنا الحبيب ليس بوابة فقط للسودان بل هو صمام الأمان للبلاد ولقد كتبت من قبل مطالبا بترقية الخدمات بولاية البحر الاحمر وتسميتها عاصمة مؤقتة شتاء كل عام إلا أن قولي لم يسمع الا بعد الحرب اللعينة .
ثم ماذا بعد ؟
إن ما يميز اهلنا في الشرق هو هذا الرداء القومي والانفة وطول البال ما يجعلهم دائما الأكثر قبولا لدى جميع السودانيين ولقد تعرفت إلى الكثير من الساسة من أبناء الشرق ودائما يدهشنوني بهذا التواضع وهذه الثقة في النفس والبعد عن الفساد ،زرت اخي وصديقي المعتمد شريف المليك بسنكات والتقيت بنائبه الذي لبيت دعوته إلى منزله فهالني أن نائب السيد المعتمد يسكن بمنزل اقرب إلى أقل مواطني المحلية فقرا فلما مازحته قال لي :انت لو زرت المعتمد بمنزل أهله لوجدت لي العذر ،اما اصدقائي عيسى حمد شيك ومجذوب ابو علي وعبد الرحمن بلال بالعيد وموسى علي حسن فاولئك يحتاجون إلى اسفار لوحدها ولنا عودة.