صالون_الريس
الخرطوم في ثوبها الجديد
د/ أشرف الريس
أعزائي القراء الكرام تحيةً واحترام وبسم الله نبدأ الكلام ….بات في حكم المؤكد أن الخرطوم قد عادت الى حضن الوطن وقد طهُرت من دنس المليشيا الارهابية فبعد أن شهدت العاصمة السودانية فترات صعبة جراء الحرب المدمرة التي مرت بها، مما أسفر عن تدمير العديد من البنية التحتية وأدى إلى تفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية. وبحمد الله استطاعت القوات المسلحة والقوات المساندة لها من تحرير الخرطوم وما تبقى الا القليل وسيعلن في القريب العاجل الخرطوم خالية من الجنجويد والسؤال هنا ماذا بعد التحرير ؟ لذلك دعوني أقفز بكم للحديث عن “إعمار الخرطوم بعد الحرب” وهذا الموضوع يعد موضوعًا حيويًا ومثيرًا، لما فيه من أمل في بناء عاصمة حديثة ومتجددة تستعيد مجدها وتزدهر من جديد.
وهنالك تحديات أساسية في عملية الإعمار حيث تعد الخرطوم من أكثر الولايات التي تأثرت بالحرب ، حيث تسببت الحرب في تدمير العديد من المنشآت الحكومية والمدنية. كما أدى النزوح الجماعي للأسر إلى خلق فجوة أدت الى حالة سيولة أمنية، وكذلك أثرت الحرب سلبًا على مستوى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والمياه والكهرباء.
وكذلك من أهم التحديات التي تواجه عملية الإعمار البنية التحتية المدمرة فالعديد من الطرق والجسور والمرافق العامة التي كانت تشكل جزءًا من أسس المدينة قد تعرضت لأضرار كبيرة، وهذا يتطلب استثمارات ضخمة لإعادة بنائها. ومن البديهيات بعد الحرب، ان الحكومة السودانية ستواجه صعوبة في تأمين التمويل الكافي من أجل تنفيذ مشروعات الإعمار. مما يستجوب اعتماد الولاية على الدعم الخارجي و يصبح بذلك أحد الحلول المطروحة، إلا أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة قد تؤثر على توفر هذه الموارد.
ومن أكبر التحديات الاستقرار السياسي والأمني فنجاح مشروعات الإعمار يتوقف بشكل أساسي على الاستقرار السياسي والأمني في البلاد. وأي اختلالات في هذا المجال قد تؤثر على سير عملية إعادة البناء بشكل إيجابي.وبالرغم من التحديات الكبيرة هنالك فرص متاحة لعملية الإعمار منها التخطيط الحضري المتكامل حيث يمكن للخرطوم أن تستفيد من الفرصة لتطوير بنية تحتية حديثة ومتطورة تأخذ في اعتبارها احتياجات المستقبل وتلافي أخطاء التخطيط الماضية، مع تحسين النقل العام، وتوسيع المساحات الخضراء، وتعزيز المعايير البيئية.
و يمكن للسودان أن يسعى للحصول على دعم من المنظمات الدولية والدول الصديقة من أجل تمويل مشاريع الإعمار. كما أن فتح باب الاستثمار الأجنبي قد يساعد في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
ومن أهم ما يجب التركيز عليه هو إعادة بناء الخرطوم بطريقة تراعي البيئة والتنمية المستدامة، مثل استخدام الطاقة المتجددة، وتنفيذ مشاريع للمياه النظيفة، سيُعزز من قدرة المدينة على الصمود أمام تحديات المستقبل . ومن أهم الواجبات يمكن إعادة التأهيل الاقتصادي للسكان من خلال توفير فرص العمل في مشاريع إعادة الإعمار، الأمر الذي يسهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي خاصة في قطاعات الشباب ومن هذا المنطلق وصيتي للمجلس السيادي ومجلس الوزراء أن تخصص ميزانية كافية لوزارة الشباب حتى تتمكن من تمكين الشباب وتفعيل مشروعات استقرار الشباب .
أقول إذا تم التعامل مع عملية الإعمار في الخرطوم بذكاء واستراتيجية بعيدة المدى، فإنه من الممكن أن تكون الخرطوم نموذجًا للتنمية الحضرية بعد الحرب. وسيتطلب هذا الأمر حوكمة رشيدة، وتعاونًا بين الحكومة السودانية، والقطاع الخاص، والمجتمع الدولي.ومن الضروري أن تكون السياسات المعتمدة في إعادة الإعمار تركز على خلق بيئة تعزز من تنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتعالج مشاكل الفقر والبطالة، وتستثمر في التعليم والتكنولوجيا. وقد تكون الخرطوم، على المدى الطويل، قادرة على أن تصبح مركزًا حضريًا قويًا في أفريقيا.
أقول ختاماً إن إعمار الخرطوم بعد الحرب ليس مجرد مشروع إعادة بناء مادي، بل هو عملية شاملة تتطلب إصلاحات اقتصادية واجتماعية، بالإضافة إلى بناء القدرات البشرية وتعزيز ثقافة السلام والتنمية المستدامة. إن قدرة السودان على النجاح في هذه المهمة تعتمد على تضافر الجهود الداخلية والخارجية، وعلى الحكمة في اتخاذ القرارات التي تضع مصلحة الشعب السوداني في المقام الأول لتلبس الخرطوم ثوبها الجديد وتتزين به.
#من_أجل_صناعة_ مجد_السودان
تحياتي
د/أشرف الطاهر حماد
الأمين العام للجهاز الشعبي لنهضة السودان
2