
بيت الشورة
عمر الكردفاني
وزارة الداخلية السودانية بين فريقين
ظلت الوزارات الأمنية في السودان تتشح برداء (ممنوع الاقتراب والتصوير) إلى نهاية عهد الإنقاذ وإن بدأ اقترابها من المواطن بداية غريبة في عهد الفريق صلاح قوش الذي فتح أبواب جهاز الأمن والمخابرات واسعا أمام الجمهور بمكتب للاستعلام والشكاوى.
بالطبع العسكريون لهم الحق في الحفاظ على مسافة بينهم والجمهور عامة والاعلام على وجه الخصوص .
عندما استلم سعادة الفريق شرطة خليل باشا سايرين مهام وزارة الداخلية قبل عام ونصف من الآن بدإت تجربة جديدة من عمر الوزارة التليدة بفتح الأبواب واسعة أمام الإعلام والإعلاميين حتى لقب الاعلاميون السيد الوزيرفي منابرهم الخاصة والعامة ب(صديق الإعلام )
على الجانب الآخر لم يكن السيد الوزير وطاقم وزارته قد ركنوا إلى هذه العلاقة الطيبة فقط في التعرف والتعريف بنشاطهم الجم بل كان الإعلام في سباق دائم مع الزمن للحاق بما يقوم به الطاقم الهمام .
وليس غريبا على رجل كالفريق سايرين المعروف عنه الجهد والمثابرة. الذكاء الحاد والوطنية الخالصة أن ينجز خلال ثمانية عشرة شهرا ما يتطلب سنوات عدة في قاموس البعض ، ولسنا في حاجة إلى ذكر الانجازات المهولة في عهده بدءا من ضبط الوجود الأجنبي مرورا بدعم المجهود الحربي إلى الخطوة الجريئة في الانتقال إلى العاصمة الخرطوم ولا ننسى إجازة لوائح تخص عمل الشرطة كانت معطلة سنين عددا ونختم بالاتفاقيات الدولية والإقليمية التي وضعت خارطة طريق للتعامل بين الوزارة ورصيفاتها عبر العالم وما اكتب هنا ليس إلا انصافا لرجل عرفته منذ أكثر من عشرين عاما وما زال ما بيني وبينه من ود قائما وما زال بذات سمته الهادئ وابتسامته المحايدة وتهذيبه الجم لا تغيره المناصب ولا تبدله الرتب ، وقد أسلفت من قبل أنه الوزير الوحيد في السودان الذي طلب اذنا للاستخارة قبل قبول التكليف وانا اكيد أن الوطن في انتظار عطاء متجدد منه في مجال آخر يجيده.
في المقابل سبقت سعادة الوزير الجديد الفريق بابكر سمرة سيرة باذخة من العمل الشرطي والعطاء الوطني الذي يؤهله أن يتسلم الراية من خير سلف في هذه الوزارة ولن اتنطع بالقول :انصحك بكذا وكذا لسبب واحد وجيه :الكليات العسكرية السودانية لا تدفع إلى دماءها العملية الا من تأنس فيه الكفاءة والتجرد والوطنية ورتبة فريق لا يصلها الا من جد واجتهد وأثبت أنه أهل لقيادة فرقة عسكرية كاملة وهي في حالة المتحرك العسكري قد تساوي دولة (اكبر من دويلة الشر الامارات ) لذا فإن نجاح سعادة الفريق بابكر قمين بهذه التجربة الثرة في العمل الشرطي وهذا الطاقم المتميز سواء على مستوى الوزارة من لدن سعادة اللواء محمد المعتصم عكاشة مرورا بنائبه الاخ العقيد نميري والشباب المهذبين ايمن والنقيب الزبير انتهاءا بطاقم الاستقبال و العلاقات العامة ، أو على مستوى إدارات الوزارة السبعة التي أدت اداءا رفيعا في الفترة السابقة ومطلوب منها الاكثر في مقبل الأيام .
ثم ماذا بعد ؟
منذ وقت بعيد كنت أطالب في كل محفل أن تتم (عسكرة) المواطنين السودانيين جميعهم لما أراه ورأيته من عمل دؤوب واحترام للوقت والعمل عند العسكريين الا فيما ندر يقابله هذا التباطؤ وانعدام المسؤولية عند المدنيين الا ما ندر مع احترامي وتقديري لكافة موظفي القطاعات المختلفة
فقد ظل العسكريون مثالا للأدب والاحترام في التعامل خاصة فيما يخص تبادل الأدوار لذا فمن الواضح أن الوزارة المهمة ستظل بذات قوة دفعها بعد أن استقبلت خير خلف لخير سلف حيث عجمت الشرطة كنانتها واختارت (الفريق سمرة) لترمي به في مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة في التحول من مرحلة الحرب والتدافع إلى مرحلة البناء والتأمين