من سحب البساط من القدامى .. وكيف تهيأت الظروف للجدد؟
خبراء : اسماء كثيرة قفزت من بوابة الفساد وحازوا ثروات طائلة ولكن …
الناير : التسهيلات لأي شخص يعتبر نوع من انواع الفساد!!
تحقيق : المجرة
كشف تحقيق استقصائي لـ”المجرة” عن كيف ساهم نظام الانقاذ البائد في تدمير وخروج رأسمالية السودان الوطنية، وكيف عمل على صناعة آخرين من خلال سياسة التمكين والتعدي الصارخ سواء بالاستيلاء على الاراضي والنهب او منح الامتيازات والفرص.
متى وكيف؟
البحث في دهاليز وعالم البزنس من الامور التي يستعصى فيها الحصول على معلومة من رجال الاعمال اصحاب الشأن على حد سواء قدامى أو جدد وذلك لعدم توفر الوقت لديهم أو الرغبة في كشف دهاليز عملهم .. لكن تمكنت متابعات “المجرة” من الحصول على معلومات تشير الى ان نشوء الفئات التجارية أو ما يسمى بالفئات الرأسمالية المحلية بدأت منذ فترة الحكم الثنائي .. كانوا معظمهم من الرأسمالية الاجانب الذين استوطنوا في السودان ، في الفترة ما بعد الاستقلال ظهرت الرأسمالية الوطنية من تجار واصحاب نشاطات كدحت وعملت لتكوين ثروتها ، ووفرت الكثير من فرص العمل للعديد من المواطنين ، كما دعموا الاقتصاد بالكثير من المشروعات الضخمة التي عادت بالخير الوفير وقامت بتقوية وتنمية الاقتصاد الوطني ، فتطورت اعمالهم من بيع القرض والجلود والعسل والاليات الزراعية والهندسية وغيرها من المجالات
من هم ؟
اسماء كثيرة من رجال المال والاعمال عرفتهم تلك الحقبة ما زالت اسماؤهم تدون اسهاماتهم وتعلو احرفها اضخم البنايات والعمارات بالعاصمة ، واخرون يحكي عنهم التاريخ وعن انجازاتهم بالولايات ..
(ابو العلاء ، الشيخ مصطفى الامين ، البربري، ابراهيم طلب، ابراهيم مالك، النفيدي، ال فضل تور الدبة ـ ال عمر البدوي ـ ال ادم يعقوب ـ ال كمبال ـ حجار وبيطار، الخندقاوي) وغيرهم ، نماذج قليلة لأسماء لامعة من رجال المال والاعمال عرفتهم البلاد منذ حقب بعيدة بإسهاماتهم الاجتماعية ودورهم في النشاط التجاري والاستثماري ، والزراعي في عالم الرأسمالية ، وكان يشار اليهم بالبنان
اين هم؟
وبحسب مراقبون، فعندما جاء نظام الانقاذ المباد عمل جاهدا لإزاحة تلك الاسماء، فقطع الطريق امام بعض هذه القوة الرأسمالية التي ظلت تقف خلف النمو والتنمية، واستهدف المجموعة التي تعمل في الزراعة في كل ولايات البلاد هناك من تم تدميرهم بحجة انهم خارج منظومة نظام الاسلاميين، وتم وضع العراقيل للبقية بكل الوسائل باعتبارهم تابعين لأحزاب تدعم تجمع المعارضة، واخرين صمدوا وقاوموا محاولات التدمير وحمل ابنائهم الراية من بعدهم ومنهم ( ابرسي ـ النفيدي ـ اولاد البرير)، جميع الرأسمالية المشار اليهم جمعهم النشاط التجاري الداخلي والخارجي واقتصاديات السوق والتبادل السلعي والنقدي اضافة الى النشاط الزراعي والصناعي
نهج التمكين؟؟؟
وبحسب التسلسل التاريخي ومن خلال التقصي .. تفشت ظاهرة الاثرياء الجدد منهم من ولد وفي فمه ملعقة ذهب ورثها من ابائهم ، واخرون قدمت لهم الثروات في طبق من ذهب دون عناء ، من خلال نهج (التمكين ) الذي سلكته الانقاذ فصنعت اسماء جديدة نذكر منها ( أ، ك) الذي كفلوا له القماش والمعدات المكتبية وقدمت له تسهيلات بالإضافة الى (ك ، ع) الاسلامي المعروف الذي ترقى سياسيا ملكوه المشاريع في القضارف وغيرهم ، وفي فترة استطاع الحكم السابق نزع السوق ووطن لأشخاص يتبعون للنظام من خلال منح الاراضي الاستثمارية واقامة المشاريع والاعفاء من الجمارك وفتح الشركات ، فحازوا على ثروات طائلة ومشبوهة المصادر في اوقات قياسية.
تصاعد سريع
ووفقا لإفادات خبراء في مجال الاقتصاد جاءت الطبقة الغنية التي صعدت بسرعة في الالفية الثالثة واعتبرها الخبراء واحدة من تقيحات الوطن بسبب السرطان الذي اسموه بالإنقاذ والذي اشاع الفساد في كل مكان ، فابعد بعض الذين صنعهم ودخل كحكومة السوق ووطن لأناس اخرين من خلال انشاء شركات مملوكة لجهاز الامن والدفاع الشعبي وسين للغلال التي امضت رحل ثراء فاحش عبر رغيف العيش وغيره فاتيحت الفرص للسيدة (و، ب) وشقيق ن، ع،ن ) وغيرهم وهكذا تم تجنيب ملايين الدولارات في الخارج.
غول لا يشبع.
وتابع المراقبون سردهم بالقول تحولت الحكومة ذات نفسها في السنوات الاخيرة الى غول داخل السوق يلتهم ولا يشبع عبر شركات تعمل في المشاريع الكبيرة ومشروعات استثمارية في السوق بتسهيلات في السكر والدقيق والادوية والوقود والقمح والسلاح وجميعها سلع استراتيجية تمثل الأمن القومي ، في ظل ذلك ظهرت مافيا أخرى تخصصت في بيع الأراضي فحققت ثروات بنسب متصاعدة لشخصيات لا علاقة لهم بالمال والأعمال أغلبهم كانوا موظفين في مؤسسات حكوميه تربطهم صلة القرابة والصداقة بنافذين ومسؤولين في النظام المباد.
باب الفساد.
الخبير الاقتصادي، د. محمد الناير، قال ان الفساد عامل أساسي ومؤثر لما تم في الحقبة الماضية حيث كان هناك رجال اعمال تاريخيا لديهم ثروات واسهامات مقدرة في الاقتصاد السوداني في مجال الانتاج والتصنيع والتصدير ، وايضا لديهم مساهمة مقدرة في المسؤولية المجتمعية ، وتظل اعمالهم شامخة وموجودة حتى تاريخ اليوم ، مثل اسهاماتهم في المراكز الصحية والمستشفيات ومشروعات خيرية كثيرة ، الا انها هربت من السوق بسبب سياسات الدولة في الثلاثين سنة الماضية ، الدولة كانت تتبع سياسات (غير جيدة) حيث انها وضعت العراقيل والعقبات امام التجار الذين لا ينتمون للتنظيم ولا يستجيبون لتوجهاتها مما ادى الى خلق مشكلة كبيرة جدا كان نتاجها خروج عدد كبير من رجال الاعمال الحقيقين الذين لديهم ثروة تاريخية مقدرة خارج منظومة السوق.
ضرورة التحري.
واردف الناير قائلا ان السياسات الخاطئة والفساد أفسح المجال لأثرياء جدد في الاصل ليسو بتجار وانما موظفين ولا يعقل ان يتم تكوين هذه الثروة لموظف عام في الدولة ان يدخل عالم السوق ومنهم من مارس العمل التجاري وكون ثروات تستدعي التحري في أمرها ، فهناك حديث في وسائل الاعلام عن شركات تتبع لحزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا وشركات أخرى بأسماء وواجهات وربما لا تتمكن الدولة من استرداد هذه الشركات والاموال، واشار الى نماذج سابقة بوجود اموال في حسابات اشخاص، واضاف هذه القضية ستخلق تعقيدات كثيرة جدا ويرى الناير ان ملف الفساد في المرحلة القادمة يحتاج لجهد كبير من الاجهزة الامنية للوصول لخيوط العملية بأسرع وقت ، وتابع : بالتأكيد اذا كانت الدولة قد منحت تسهيلات لشخصيات محدده هذا يعتبر نوع من انواع الفساد ، بالإشارة الى ان معظم الاثرياء الجدد اثروا بسبب منحهم امتيازات لشخصيات لا يستحقونها ، من قبل الدولة والحزب الحاكم فاثروا ثراء فاحش فيما تمكن آخرون من مواجهة كل الصعاب والتحديات واستطاعوا ان يصمدوا في السوق، وطالب الناير بضرورة ان يتم تعويض هؤلاء من قبل الدولة في المرحلة القادمة حتى يعملوا في ظل دولة تحترم القانون و المؤسسات وان يعيدوا ما كان عليه الوضع سابقا وأمن على دور القطاع الوطني الذي كون ثروته بالكسب الحلال في المرحلة القادمة من خلال الوقوف بجانب الدولة.
اسلوب المحاباة
اتفق المحلل الاقتصادي د. عبد الله الرمادي مع حديث د. الناير ، لكنه أشار الى أن نظام الانقاذ أوجد نوع من المحاباة لطبقة معينة من المنتمين للحزب الذي حصد من خلفهم الكثير من العائدات فافسحوا لهم المجال من خلال الاعفاءات الجمركية والضريبية حتى أثروا وتقاسم معهم النظام السابق الصرف على الحزب واعتبر هذا أسوأ انواع الفساد الذي أضر بالسياسة والاقتصاد، واكد ان عدم العدالة أدى الى تقلص البيوتات التجارية السابقة ولم تنجح سوى التي قبلت أن تنصاع وتتعامل معهم بأساليبهم الفاسدة فبعضهم أفسد فساداً بينا ومحاسبتهم كانت بأيدي رخوة طوعوا القانون لمصلحتهم فابتدع ما عرف بالتحلل الذي يعد غش وسرقة لمال الدولة المنهوب بالمقابل اختفت البيوتات الرأسمالية الأولى وظهر النبت الشيطاني الذي أصبح يتحكم في المليارات ومعهم مجموعة الحكام الذين امتلكوا القصور والأراضي والمزارع وانتزعوا توكيلات الأدوية والسلع الرائجة في السوق ومنحها لأبناء الحظوة ، ولم يستبعد ظهور اثرياء جدد قهرهم النظام وقضوا عمرهم بالخارج من اجل التنمية الوطنية.
باب المحسوبية
في السياق وصف علماء الاجتماع الأثرياء الجدد الذين دخلوا من خلال الفساد والمحسوبية بمحدثي النعمة، اضافوا ان الاثرياء الجدد احتكروا الصيت دون غيرهم من الاثرياء القدامي او أولئك الذين ورثوا قوتهم المالية عن أجدادهم وآبائهم
وبحسب الباحث الاجتماعي د. سليمان عباس، تنطبق على الأثرياء الذين صنعتهم الانقاذ نظرية (اوسكار وايلد) المؤلف الانجليزي، التي وصفت هذه الفئة “بالرجال الذين يعرفون سعر كل شيء ولا يدركون قيمة شيء.” فغالبا ما يلجا هؤلاء الى إخبار الجميع عن المبالغ التي انفقوها من أجل شراء سلعة او يرتدون ملابس من علامات تجارية باهظة الثمن أو يقودون سيارات فارهة لجذب الانظار على عكس من الثري القديم فكل ما يهم الثري الحديث هو تقليد الاشخاص المحيطين به لدمج نفسه في عالم البزنس والتأكيد على مكانته الاجتماعية وامكانياته المادية ، واعتبرهم اشخاص سمح لهم المال بشراء سلع وخدمات كانت مقتصرة فقط على الطبقة الثرية القديمة.
في الحل.
في الحلقة القادمة سنكشف الاسماء التى صعدت عبر حقائب التمكين الى عوالم البزنس، واين يقع تصنيف اسرة ابو كليوة من اين جاءت ثروة اسامة داؤد، وصلاح ادريس وعبد الباسط حمزة، جمال الوالي، ابو القاسم برطم، مامون حميدة، صديق ودعةـ فضل محمد خير، وغيره