ربما كان العالم كله وليس السودان فحسب يعيش في هذه الحالة المزاجية المعتدلة حالة من الحب المطلق (حالة كونك تحب بلا قيود او حدود حتى لتظن ان ناقة محبوبتك تعشق بعيرك) وهي ربما كانت حالة من الحب الطفولي حينما يتعلق قلب احدكم باحداهن فتبدأ العلاقات (تتشربك ) فيحب صديقك صديقتها وصديقة صديقتها تحب صديق صديقك وهكذا الى ان تصل الحالة العشقية الى البعران اعزكم الله ,وقد كان العالم ايضا يعيش حالة من انحسار حالات القتل والنهب وخاصة القتل بلا سبب , ولكن الشاهد ان المؤرخون بعد حسبة بسيطة وجدوا ان العالم قد عاش معظم عمره في حروب ضروس ,اي ان ايام السلام كانت معدودة ,وقد بات علماء الاجتماع يبحثون عن مجتمع السلام ولكن ليس في العالم الكائن هذا بل في عوالم يظنون انها لم تكتشف بعد ,كتلك القبيلة اللاتينية التى تم اكتشافها في احدى الغابات المطيرة كثيفة الاشجار ولكنها كانت من اكلة لحوم البشر ,وكانت القبيلة تعيش في حال من البداوة لا يصدقها عقل ,انقسم العلماء الى فريقين فريق يرى ان يتم ادماجها في المجتمع المتحضر الا ان الفريق الاخر رأى ان يتم تركها على حالها ورؤيتهم في ذلك انها الان تعيش على الحد الادنى من قتل البشر واكل لحومهم اي رزق اليوم باليوم ولكن في حال تم ادماجهم في المدنية الحديثة فسيتعلمون القتل بالجملة ويخزنون صيدهم في الثلاجات وربما بدأوا في التجارة ,وتساءل ذات العلماء الا يقتل هؤلاء البشر للاكل فقط ,اذن فلم نقتل نحن بعضنا بعضا ؟بالطبع لم يجدوا الاجابة
ان العالم المعاصر يعيش حالة من الكراهية المطلقة وربما بلا سبب سوى سوء المزاج خاصة وان الحروب باتت قليلة التكلفة المادية ولكنها من ناحية التكلفة البشرية باهظة الى درجة مرعبة ,فرصاصة واحدة قيمتها اقل من جنيه يمكن ان تخترق صفا من البشر قد يصل الى خمسة ,اما القنبلة الصغيرة فهي قادرة على ازهاق ارواح عشرة اشخاص فما فوق ولم نتطرق بعد الى القنابل الحديثة الحارقة منها والنووية
ثم ماذا بعد؟
تمضي الحياة ونكتشف كل يوم فقدان احد الذين نحبهم ,وتتسع رقعة الفقد مع وسائل الاتصال الحديثة التى تنقل لك الاخبار في التو واللحظة فتؤلمك مرتين الاولى سماع خذا الخبر المفجع والثانية انك لابد ذاهب لتشيع من تحب فتكون ممن ينطبق عليك المثل السوداني (ميتة وخراب ديار)
ونحن في السودان مشهود لنا بكتمان عواطفنا اذ لا يستطيع الانسان ان يصرح بحبه لمن يحب ولكنه يستطيع التصريح بالكراهية على الملأ الم تصرخ الشاعرة بملء فيها (انا بكرهك)؟