
تباينت الآراء حول أسباب مشكلة ارتفاع أسعار الدواء والنقص الحاد في بعض الأصناف حيث ظلت من أكثر القضايا تعقيداً بالرغم من أهميتها القصوى للمواطن كما توجد تساؤلات كثيرة حول انعدام بعض الأدوية وارتفاع أسعارها تشغل بال المواطن، حيث أجمع خبراء في القطاع الصيدلاني على أن ارتفاع أسعار الأدوية والنقص الحاد الذي تعاني منه البلاد في بعض أصنافها كقطرات العيون وبخاخات الأزمة والربو وأدوية الملاريا وأدوية الغدة بسبب عدم التزام الدولة بتوفير النقد الأجنبي لصالح استيراد وتصنيع الأدوية مما أدىإلى خلو أرفف الصيدليات من أدوية مهمة ومُنقذة للحياة كالمحاليل الوريدية بأنواعها المختلفة والأنسولين المخلوط.
بداية الأزمة
خلال العام 2018 هبط سعر الجنيه السوداني بتسارع امام الدولار ورفض المجلس حينها زيادة سعر الدولار من 31 جنيهاً حتى لو تم الشراء للدولار من السوق الموازية واستمرت هذه الحال لفترة من الزمن الامر الذي ادى الى احجام عدد من المستوردين عن الاستيراد بالمستوى المعتاد، حتى تم تعيين معتز موسى رئيساً للوزراء في عهد النظام البائد الذى قام بابتداع الية صناع السوق والتي رفعت سعر الدولار من 31 الى 47 جنيهاً، وطالب المستوردون حينها بإعادة تسعير ادويتهم التي استوردوها خاصة التي تم استيرادها بالدفع الاجل او بتمويل عبر مرابحة او شراكة مع البنك بالسعر الرسمي، الطلب الذي قابله رئيس الوزراء بالرفض وزاد ذلك من عدد الاصناف التي توقف استيرادها .
قرارات تضاعف الأزمة
وأكدت مصادر مسؤولة فضلت حجب اسمها لـ(الانتباهة) أن قرارات الرئيس المخلوع التي اصدرها خلال العام 2018 زادت من الازمة والتي منعت استيراد الادوية المصنعة محلياً والتي أصبحنا نعايش آثارها حالياً من انعدام وندرة لعدد من الادوية شائعة الاستخدام مثل البندول والفلاجيل، واشارت المصادر الى ان فترة النصف الثاني من العام 2018 وحتى نجاح الثورة شهدت انخفاضاً في استيراد الادوية بسبب عدم توفر النقد الأجنبي الكافي للاستيراد، بالإضافة الى احجام المستوردين عن الاستيراد بطريقة الدفع الاجل وكذلك عدم استيراد مدخلات الادوية المصنّعة محلياً والتي لم تغط الحاجة الكافية لها.
تشديد الضوابط
وقالت المصادر عندما تسلم المجلس العسكري مقاليد الحكم تواصل العمل بنفس الوتيرة التي سبقت مع تحسن فى توفير النقد الأجنبي لمقابلة احتياجات الصندوق القومي للإمدادات الطبية وسداد الديون المتراكمة لسنة ماضية استفاد المجلس العسكري من الوديعة الاماراتية والسعودية في ذلك وترك الــ 10 % من عائدات الصادر لشركات القطاع الخاص مع تشديد الضوابط لمنع تسربها .
إلغاء الـ 10%
وتؤكد المصادر ان الحكومة الانتقالية فضلت الاستمرار في السياسة السابقة لتمويل استيراد الادوية الا ان ضغط المصدّرين ونسبة الى الانخفاض المتسارع لقيمة الجنيه امام الدولار قررت لجنة الطوارئ الاقتصادية الغاء الـ 10 % من عائد الصادر لاستيراد الادوية دون تحديد بدائل لذلك الامر الذى قوبل بالاحتجاج من الكيانات الثورية في تجمع المهنيين من لجنة الصيادلة المركزية وتجمع الصيادلة المهنيين بالإضافة الى غرفة مستوردي الادوية ولجنة اصحاب صيدليات ولاية الخرطوم بالإضافة الى ان التجمع الصيدلي نظم عدداً من الوقفات الاحتجاجية ونظم اصحاب الصيدليات اضراباً جزئياً وتطور الى يوم كامل وقاموا كذلك برفع عدد من المذكرات الى وزير الصحة ورئيس الوزراء مطالبين بتوفير 55 مليون دولار شهرياً لاستيراد الادوية والمواد الخام للصناعة الوطنية اضافة الى جدولة الديون على الصندوق القومي للإمدادات الطبية والبالغة 105 ملايين دولار .
معالجة طارئة
ويقول المصدر ان الحكومة قامت مؤخراً بمعالجة طارئة بتوفير 10 ملايين دولار للصندوق القومي للإمدادات الطبية لتوفير أدوية الطوارئ والبرامج العلاجية المدعومة من الدولة وحتى الان لم يلتمس مستوردو الادوية أي خطوات جادة من الدولة بحل مشكلة النقد الأجنبي الامر الذى يفاقم الازمة يوماً بعد يوم ولم تجد بيانات الاجسام الثورية أي اذان صاغية من قبل الحكومة وكانت رابطة الاطباء الاشتراكيين قد اصدرت بياناً طالبت فيه بضرورة الحل العاجل لازمة الدواء وكذلك اصدر تجمع المهنيين ولجنة الصيادلة المركزية بيانات تطالب الدولة بالتدخل لحل الازمة خاصة وان هناك ادوية بالخارج تم تصنيعها وجاهزة للاستيراد وادوية اخرى في انتظار الموافقة على فتح اعتماداتها ليتم تصنيعها وتكمن الكارثة الكبرى في الادوية التي توقف انتاجها او ترفض الدول المصدّرة السماح بتصديرها بسبب جائحة كورونا .
أدوية مهرّبة وغير مسجلة
ويؤكد صاحب صيدلية د. محمد احمد علي لـ(الانتباهة) ان هنالك ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الادوية بصورة مستمرة خلال الأربعة شهور الماضية تراوحت ما بين 60- 70% وقال ان هنالك انعداماً لبعض أنواع المضادات الحيوية والأنسولين المخلوط والعادي، الى جانب وجود ندرة في ادوية علاج المعدة وانعدام لأدوية الملاريا (الكوراتم) والمتوفر في السوق مهرب وغير مسجل .
وقال ان دواء علاج الملاريا (الكينين) سعر الشريط الواحد بقيمة 300 جنيه وغير متوفر وشريط البندول ارتفع من 10 جنيهات الى 30 جنيهاًوالفلاجيل من 15 جنيهاً الى 40 جنيهاً، ونوه الى ارتفاع اسعار دربات الملح إلى 250 -300جنيه.
وسطاء الأدوية
وقال محمد ان ندرة وانعدام الادوية تسببت في لجوء كثير من المرضى الى مصادر غير موثوقة للحصول على الادوية، وجزم بان احد أسباب ارتفاع أسعار الادوية الوسطاء وهم الذين يقومون بتخزين وتوزيع الدواء خاصة الادوية غير المتوفرة، ونبه الى وجود شركات تربط شراء الدواء بضرورة شراء دواء اخر يمكن للصيدلية ان لا تستفيد منه بسبب عدم الحاجة اليه وهذه خسارة اخرى للصيدلية.
تهريب لمصر وإثيوبيا
وفي السياق كشف صاحب صيدلية د. ايمن حسن عن انعدام 70% من اصناف الادوية بصيدليات العاصمة،وأفصح عن تهريب عدد من اصناف الادوية الى مصر واثيوبيا، واشار الى انعدام حبوب الملاريا والغدة وبعض ادوية الامراض المزمنة. وأوضح لـ(الانتباهة) أن اصناف الادوية المتوفرة الان بالصيدليات لا تتعدىالـ30%، وقال وضع الدواء بالبلاد الان سيئ.
سوق سوداء
وكشف عن وجود سوق سوداءللدواء ،وقال ان عدداً كبيراً من اصناف الادوية متواجدة في السوق السوداء واسعارها تضاعفت، وتابع عدد كبير من الادوية تخرج سوق سوداءباسعار مضاعفة.واشار الى وجود شركات تحت اسماء عمل تعمل في مجال الادوية، ونبه الى أن الفواتير التي تصدر من تلك الشركات غير خاضعة للرقابة من قبل المجلس الطبي، وأضاف أنهم يقومون بتسعير الادوية وفق هواهم.
واقترح رفع الدعم عن الدواء وعمل تأمين صحي لجميع المواطنين بالبلاد لحل مشكلة الدواء وايقاف التهريب .
وأوضح ان بعض ادوية الامراض المزمنة في الصناعة المحلية متوفرة وبعضها غير متوفرة، ونبه الى توفر بعض الاصناف من ادوية السكري والقلب والضغط.
من المحرر :
استعصمت الجهات الرسمية المسؤولة من توفير الدواء بالصمت.
الانتباهة