بروفايل:
رجل من ذهب:
الشيخ ابو على مجذوب ابوعلى
بقلم :عمر الكردفانى
رجل من ذهب هى شهادة شهيد فى حق داعية فقد قالها الشهيد محمد طه محمد احمد فى عموده الشهير لله والحرية بصحيفة الراية عن الشيخ ابوعلى مجذوب غداة وقفته الشجاعة ضد اجماع زملائه من نواب الحزب الاتحادى الديموقراطى وهم يجمعون على التصويت ضد قوانين الشريعة الاسلامية فخرج كالسيف وحده عن اجماعهم ورفض الانسحاب وصوت مع نواب الجبهة الاسلامية ضد زملائه فى الحزب والاحزاب الاخرى كيف لا والرجل قد درس علوم الحديث والدعوة بالازهر الشريف ورغم اهتماماته العريضة والممتدة الا ان همه الاول هو الدعوة حيث يرتاد مسجده العامر بسنكات تلاميذ كثر ينهلون من علمه الثرفيجلس اليهم بتواضعه الجم دون كلل او ملل والرجل لا يفعل شئ ولا يخطو خطوة الا بعد ان يؤصل لها ويزنها بميزان الشرع الحنيف الدقيق فاما ن يتركها او يستمر
تشرب من عائلته المتدينة الممتدة الورع و الصدع بالحق فلا يخاف فيه لومة لائم وورث عن اجداده الوطنية كابر عن كابر وترك له اجداده ارثا من الاملاك والاراضى الزراعية سخر ريعها لفعل الخيرات واجابة المحتاجين اعدته اسرته للقيادة مبكرا فقد دفعت به فى سن صغيرة الى اتحاد مزارعى طوكر فتشرب العمل الادارى وقول الحق والعمل الجماعى وروح الفريق جده ابوعلى احمد كان من امناء طوكر فى زمن الانجليز الذين عينوه مع ابو امنة احمد وشنقراى كأمناء لطوكر وشارك فى وفد اعيان السودان الى انجلترا مع الامام عبد الرحمن المهدى والميرغنى وحدث له امر طريف ففى قصر باكينقهام استدعته الملكة لانه عند مرور الموكب الملكى حيا بيديه الاثنتين فسالته عن ذلك فاجابها ان من يحى المأمور بالسودان بيد يجب ان يحى الملك الملكة بكلتا يديه فسالته عن هدية ملكية تهديها له فطلب فرمانا ملكيا يبرزه لمن يعترض سبيله من الحكام الانجليز بالسودان وكان له ما اراد
وقد ارتبط انسان شرق السودان منذ عهد بعيد بالفروسية والشجاعة ورجاحة الراى والصبر على الملمات وصبر
انسان الشرق على مر العهود والحكومات اورث هذه البقعة الطاهرة من الوطن العديد من الاحن التى افلحت الانقاذ فى درءها بعون الله ومجاهدات نفر كريم من ابناء الوطن والشرق فاضحت ولايات البحر الاحمر انموذجا يحتذى فى التنمية وصارت بورتسودان تضاهى موانئ العالم جمالا ونظافة بدون اى مبالغة
عديدون هم ابناء الشرق الذين بذلوا الغالى والنفيس لله والوطن ومنهم هذا الفارس
الذى عجم المؤتمر الوطنى عضويته ليختار من يقلده رئاسة مجلس الشورى فكان ان وقع الاختيار عليه فارسا من الشرق هو الشيخ الداعية والبرلمانى الضليع والاقتصادى الناجح ابو على مجذوب ابو على والذى تقول سيرته الذاتية انه:
ابو على مجذوب ابوعلى موسى احمد حمد استشهد جده احمد حمد فى معركة سنكات الشهيرة 1883 كما ورد فى كتاب امير الشرق لمحمد صالح ضرار كاول معارك المهدية بالشرق حيث توطدت علاقة الاسرة بالمهدية لعلاقتها بالمجاذيب فرحلت الاسرة من اركويت الى طوكر حيث نشط والده ضمن كوكبة مؤتمر الخريجين رئيسا للمؤتمربطوكر ورئيس حزب الاشقاء فكان ان سجن وصودرت املاكه ولم يقف نشاطه الى ان نالت البلاد استقلالها فكان عضوا باول برلمان (البرلمان الذى اعلن الاستقلال) عن دائرة طوكر
ولد ابوعلى مجذوب بطوكر فى العام 1942 وبها درس الاولية وعندما انتقل والده الى البرلمان فى1953 ولحرصه على تعليم ابنه اصطحبه الى العاصمة التى درس بها الوسطى بمدارس الكمبونى وما زال محتفظا بعلاقاته مع زملاء الكمبونى من ابناء النيل الابيض والدوبم خاصة ال هبانى
عاد ابوعلى لدراسة الثانوى ببورتسودان اواخر الستينات حيث توفى والده وبما انه اكبر اخوانه فقد حمل مسئولية الاسرة باكرا ومع ان الاسرة كانت تملك مالا واراضى زراعية الا انه قد عمل فى وظيفة بسودان لاين لمدة ثلاثة سنوات ومع تنامى مسئولياته ترك العمل وتفرغ لادارة شئوون الاسرة الممتدة وانتخب امينا للمال لاتحاد مزارعى طوكر
ادارة مشاريع الاسرة بدلتا طوكر والعمل التجارى لم يثنياه عن طلب العلم ومما عهد عنه انه رغم دراسته بالكمبونى الا انه كان ميالا للدراسات الاسلامية فاجتهد ودرس على يد الشيخ ابو طاهر السواكنى وهو عالم ازهرى نال العالمية من الازهر الشريف ورغم صعوبة منهجه الا انه اجاز تلميذه ابوعلى فى الدعوة وسمح له بالتدريس قائلا انه قد اخذ طريقته فى التدريس
لم يركن الشيخ الشاب لما وصل اليه من جاه وعلم بل شد الرحال الى الازهر الشريف طلبا للعلم ونال شهادة الازهر فى الدعوة وعلوم الحديث
مسيرته السياسية بدأت باكرا حيث كان امتدادا لوالده فى الحزب الاتحادى الديموقراطى وبعد الانتفاضة ترشح بالدائرة 205 طوكر الشمالية وفاز ليدخل الجمعية التأسيسية حيث كان موقفه الشهير عندما اجمع نواب حزبه الاتحادى على اسقاط القوانين الاسلامية فرفض رغم اجماع بقية النواب قائلا لهم نحن فزنا فى الانتخابات ببرنامج الصحوة الاسلامية لذلك لا يمكن ان نحيد عن برنامجناالذى وعدنا به قواعدنا فطلب منه زملاءه الانسحاب وعدم حضور الجلسة فرفض ايضا ووقف موقفه الشجاع الشهير وصوت للشريعة قائلا ان شرع الله فوق التزامنا وولاءنا للحزب فكتب عنه الشهيد محمد طه محمد احمد فى صحيفة الراية قائلا (هنالك رجال من معدن الذهب ومنهم مؤمن ال فرعون المعاصر ابوعلى مجذوب ابو على )
منذ ذلك الموقف انسحب ابو على من الجمعية التأسيسية قائلا لا يمكننى البقاء مع قوم صوتوا ضد شرع الله الى ان قامت الانقاذ وكان وقتها بطوكرعاكفا على تدريس علوم الحديث والفقه فتم اعتقاله بصفته نائبا برلمانيا ولكن لمواقفه الوطنية القوية افرج عنه ودعى الى مؤتمر الحوار الوطنى لقضايا السلام فلم يتوانى وشارك فى كل المؤتمرات الاولى فى عهد الانقاذ الى ان تم اختياره رئيسا للجان الشعبية بولاية البحر الاحمر الكبرى قبل التقسيم وكان عملا طوعيا فاجتهد فيه ودعم موقف الانقاذ حينما كان الكثيرون متوجسين من عدم استمرارها فجاهد لاكثر من سبعة سنوات سير اثناءها قطار الشرق الشهير لدعم القوات المسلحة وهى تستعيد المناطق المحتلة ومنها الكرمك وقيسان وبعض اجزاء الولايات الشرقية
فى اول جهاز تشريعى معين اختير نائبا بالمجلس الوطنى الانتقالى الذى اختاره رئيسا للهيئة البرلمانية وبطلب من المركز اختير للترشح بدائرة هيا ودرديب والتى كان بها اثنان وعشرون مرشحا يرفضون التنازل لبعضهم الى ان اعلن عزمه الترشح فانسحبوا جميعا اكراما له ففاز بالتزكية لمقعد المجلس الوطنى المنتخب حيث اختير منه مرشحا لولاية البحر الاحمر حيث فاز ايضا باجماع كبير فامسك بزمام الولاية فى زمن من اصعب اوقاتها اذ تكفلت باكثر من مليارى جنيه للمجهود الحربى لتحريربعض اجزائها
بعد اتفاقية السلام واعتماد الدستور الانتقالى اختير عضوا بمجلس الولايات حيث كان ذا نشاط وافر خاصة فى القضايا القومية وكان صاحب اقتراحات ومبادرات فى مجال العلاقات السودانية الامريكية وفى قضية المحكمة الجنائة الدولية وذا حضور طاغ فى كل ما يتعلق بالوطن امنه وسلامه
ترقى فى مدارج حزب المؤتمر الوطنى من القاعدة الى الولاية فالكلية القومية ثم الى المؤتمرالعام فمجلس الشورى الذى اختاره رئيسا له
نشاطه الثر اسبغ عليه وسام النيلين من الطبقة الاولى ووسام الانجاز السياسى واختير عضوا بادارة جامعة الشرق وجامعة كسلا ورئيسا لمجلس ادارة جامعة البحر الاحمر كما نال درجة الدكتوراة الفخرية فى الشريعة الاسلامية من جامعة كسلا فى العام 1995 تقديرا لمجاهداته فى مجال الدعوة
يقول عنه احد قادة العمل التنفيذى بولاية البحر الاحمر ان الشيخ ابوعلى رجل تنفيذى من طراز رفيع لا يكل من خدمة الاخرين وهو من وضع اللبنات الاساسية لنهضة الولاية التنموية وكان حريصا على انفاذ المشاريع التى تهم المواطنين جادا فى العمل التنفيذى لا يقبل التقاعس عن اداء الواجب لا يخلط بين العمل السياسى والخدمة العامة لكل منتم الى ولايته جاء الى الولاية فى زمن تمزقت فيه اوصالها فبرز كقائد عسكرى قح ورفع من الروح المعنوية للقوات المسلحة حتى تكلل مجهودهم بالنجاح وهو الى ذلك رجل متسامح مع الاخرين متصالح مع نفسه التى تذخر بطمأنينة الموحدين وصبر الدعاة عفيف النفس واليد واللسان
و يقول عنه الاستاذ عيسى حمد شيك معتمد محلية جبيت المعادن :يتميز الشيخ ابوعلى بشخصية قيادية وقومية تشرب العمل البرلمانى من والده الذى انتخب لاول برلمان وطنى وفى خضم العمل البرلمانى وقف موقفه الشجاع المعروف انحيازا لشرع الله وذلك لانه يؤصل لكل خطواته بل حتى عند المفاصلة لم ينحاز الا لموقفه التأصيلى دون ان يميل لاحد سوى الحق ويواصل الاستاذ عيسى لقد كان لنا شرف ان يقود مجلس تشريعى الولاية حيث فاز باغلبية هى اقرب الى الاجماع وهو رجل عالم ورع وتقى يمتاز بالحكمة والتروى
والشيخ ابو على ينتمى الى كل قبائل الشرق فهو يتوزع على طوكر وسنكات والقاش والبحر الاحمر بالميلاد والنشأة والمصاهرة وهو رجل قوى لا يخاف فى الحق لومة لائم وعند المفاصلة كان ذا تأثير كبير على من حوله لانه كما قلنا يؤصل لكل خطواته وعندما يكون خارج المنصب التنفيذى كان لا يتوقف عن اداء مهمته التى يحب الاوهى الدعوة الى الله واقامة حلقات التلاوة فلا يتوانى عن مواصلة دوره الرسالى
يتميز الشيخ ابوعلى داخل اسرته بحبه لاسرته الممتدة ماصلا رحمه بارا باهله باذلا النصح فى ديموقراطية لا تخل بادب الاسلام ولا تحيد عن القيم السودانية ويقول عنه ابنه مجذوب ان الوالد متاثر بنشاط الاسرة الكبيرة ويحرص على علاقات الاسرة الممتدة كنموذج نادر فى هذا الزمان ويحرص على التواصل وصلة الارحام وكعميد للاسرة لا يبخل بالنصح والارشاد ولا يتوانى فى بذل المال ان دعا الامر وله وضعه المميز اذ يلجأ اليه كل افراد الاسرة فى الكبيرة والصغيرة ويتدخل لحل كافة المشاكل والتى غالبا ما يجعل الله حلها على يديه وهو فوق ذلك رجل ديموقراطى وحاضر البديهة يميل الى النكته البريئة والطرفة التى تبدد الرهبة يحرص على الشعائر ويحث عليها كل الاقارب من صيام وصلاة واكرام الضيف الذى يضعه فى الاولويات
يحرص على اعتماد الصراحة ويعطى من يحادثه المساحة الاكبر من الاصغاءويحثه على الصراحة والوضوح كما يحرص داخل الاسرة والمعارف على صنع القادة ويسعى فى الصلح بين الناس خاصة فى مجال الخصومة والديات يقول رأيه ولكن دون الزام لاحد متسامح الى اقصى الحدود واهم جوانب شخصيته انه لا يحمل ضغينة لاحد ولا يفجر فى الخصومة بل حتى خصومه السياسيين يحرص على التعامل معهم باريحية بعد المواحهات التى يخوضونه ضد بعض
ويواصل مجذوب ان اهم ما فى حياته الدعوة الى الله ففى مسجده بسنكات يحرص على مواصلة دوره الرسالى فى الدعوة وانشاء حلقات التلاوة متواصلا مع طلابه الكثر دون ان يضع اى حاجز بينه وبينهم ويواصل مجذوب ضاحكا الا انه رغم طول ممارسته السياسية نصحنى بعدم الدخول مبكرا الى المعترك السياسى
ويقول احد تلاميذه ان الشيخ ابوعلى اكثر حرصا على الدعوة عما عداها فما ان يجد نفسه خارج المنصب التنفيذى حتى يهرع الى سجادته معلما وداعية الى الله فى تواضع وصبر واناة يحرص على ان يتشرب طلابه بالعلم الذينى ولا يمل من الجلوس اليهم وتمتد صلته بهم الى خارج الدرس متفقدا احوالهم مادا لهم يد العون واصرة الاخوة
يطول الحديث ويتشعب عن الشيخ ابو على الذى لم يقتصر بذله على العمل السياسى والاجتماعى والاقتصادى على حد معين فهاهو يتسنم قيادة مجلس ادارة هيئة الموانئ البحرية رئيسا كواحدة من اكبر روافد الاقتصاد الوطنى
وكل الذين تفضلوا علينا بهذا الجزء اليسير من سيرة الرجل الباهرة اجمعوا على صفة القيادة الرشيدة والمنهج الواضح والتأصيل الجاد لكل ما يقوم به كما اجمعوا على حبه للعمل الدعوى وفقهه وورعه وتقواه لذلك نجد انفسنا فى خضم سيرة اذ نقدمها لقارئ الرائد فانما نقدمها باهرة دون زيف وواضحة دون لبس نقية من مظانها لتكون نبراسا يهدى الاجيال الى سيرة رجال اجتهدوا فما لانوا وائتمنوا فما خانوا وكلما دعا الداعى وجدهم كالسمهرى مضاءا وصلابة وكالاسود شكيمة ومهابة وكالبحار جودا وكرما ورحابة
وهاهو الشيخ مجذوب ابو على رئيس شورى المؤتمر الوطنى والبرلمانى الضليع والاقتصادى الفذ و فوق ذلك الداعية المحتسب فياله من رجل من ذهب