ان الاحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور مؤخرا والتي راح ضحيتها نفر كريم من ابناء الولاية وفقدت جراءها العديد من الاسر منازلها واتخذت من بعض المرافق العامة مأوى لها بقدر ماالقت بظلال سالبة وانعكست على واقع المدينة الأمني وأقضت مضاجع الرسميين والشعبيين فاستنفرتهم ليتركوا مواقع ادارة دفة البلاد في الخرطوم ويقيموا لايام بدار أندوكة تضميدا لجرحها وعملا على أن تستعيد عافيتها وامنها واستقرار ساكنيها بقدر ماكانت لها مردودات ايجابية على عموم مجتمع دارفور اذ لم يكن يتوقع أحسن المتفائلين ان تخرج من بين ثنايا محنة الجنينة قرارات مثل إعلان نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقف التعامل بالعرف (الديات ) في قضايا الاقتتال وليس بخاف مالهذا الاعلان من ابعاد اذ يسهم كثيرا في التخفيف من حدة النزاعات المؤدية لازهاق الارواح ويدفع كل شخص للتفكير آلآف المرات قبل ان يقدم على فعل تكون نتيجته القتل . ولم يكن ذلك ليتأتى لولا بقاء قيادة البلاد ممثلة في نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) ورئيس مجلس الوزراء وقد اظهر مواطنو دار اندوكة احتراما وتقديرا فائقين لوجود قائد قوات الدعم السريع بينهم وسعيه لالتئام شمل ابناء الولاية بكافة مكوناتها واعادتها الى طبيعتها والمحافظة على نسيجها الذي ظل متينا راسخا لآلآف السنين فقد ظلت الجنينة مستقرا لمختلف قبائل السودان بل تجاوزت ذلك الى احتواء بعض المكونات الافريقية التي تعايشت مع اهل غرب دارفور واصبحت جزءا اصيلا من مجتمعهم . الباحث والمؤرخ السوداني الدكتور ادريس يوسف يصف مجتمع ولاية غرب دارفور بالمجتمع المتماسك ذي البنية الاجتماعية المتينة التي لم ولن تهزها العواصف بيد انه يأسف لما آل إليه حال الادارات الاهلية في عموم دارفور الامر الذي فاقم النزاعات القبلية ويقول دكتور ادريس كانت الادارات الاهلية في دارفور تحظى بكامل الاحترام ولها قبضتها الامنية والقضائية وسيطرتها على الأرض وكانت المشاكل التي تنشب نتيجة الاحتكاكات بين المكونات المتساكنة في دارفور تحل عن طريق الجودية ولا تبقى بالدواخل اضغان يستثمر فيها مشعلو الفتن ومحبو الدماء ويضيف الباحث والمؤرخ الدكتور ادريس يوسف ان الطامة الكبرى حلت بالادارة الاهلية في عهد الرئيس الاسبق جعفر محمد نميري عندما صدر قرار بحل الادارة الاهلية واعادة هيكلتها فاصابها الوهن وارتخت قبضتها واستمر الحال هكذا الى ان بلغ الضعف والارتخاء منتهاه على حد تعبير الدكتور ادريس يوسف في عهد الحكومة السابقة والتي عملت على تسيس الادارة الاهلية فاضعفتها على مابها من وهن وجردتها من كافة صلاحياتها لتصبح بوقا للسلطة الحاكمة وغاب ذلك الدور الكبير المهم الذي كانت تقوم به . ويذهب الكثير من المراقبين الى ان هنالك مساعي عديدة ومجهودات مقدرة قام بها نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي لاعادة مجد ودور الادارة الاهلية الذي لايختلف اثنان على اهميته فضلا عن ان جل المراقبين لمسرح احداث الجنينة وتداعياتها ذهبوا الى التأكيد على الدور البارز الذي لعبه دقلو في اعادة توحيد صف ابناء غرب دارفور بجلوسه الى كافة المكونات وتأكيداته على أن الانتماء لهذه الولاية مقدم على انتماء الفرد لقبيلته او مؤسسته وقد اخذ الكثير من المراقبين على بعض ابناء الجنينة من المكونات التي اشتبكت مؤخرا ان كلاهما حملا السلاح وقاتلا بجانب قبلتيهما الامر الذي يدفعنا الى ضرورة ان نكرر النداء بأن يكون الولاء للوطن الصغير وإن يتسامى الافراد عن الجنوح الى الافعال التي تهدد البنية الإجتماعية وتنسف السلم الاهلي . يتفق الجميع على ان تمكين الادارة الاهلية واعادة صلاحياتها فضلا عن التسريع بملاحقة الجناة في أحداث الجنينة الأخيرة وتقديمهم لمحاكمات عادلة امور كفيلة بتهدئة الاوضاع كليا بولاية غرب دارفور خاصة وولايات دارفور عامة .