إن قراءة العلاقة بين المكون المدني والمكون العسكري في حكومة الفترة الإنتقالية أمر يراه المراقبون على درجة من الأهمية إذ إن مستقبل العملية السياسية وإستقرار الفترة الإنتقالية مرهون بشكل هذه العلاقة ومدى إدارة التباين والإختلاف الذي يمكن أن يطرأ نتيجة للفعل السياسي ،ولعل أحداث الخميس العشرين من فبراير الحالي أظهرت تباينا كان قد ذهب اليه نائب رئيس المجلس الإنتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي ) بحديثه عن أن الشراكة متعثرة وليست حقيقية وقد تحتاج الى ميثاق شرف لصيانة العهود مما يعني وجود إشكالات تستوجب المعالجة سيما وأن بعض المراقبين يضع في الإعتبار عددا من المواقف التي ظهرت تجاه المكون العسكري من قبل قوى الحرية والتغيير ويرون أنه عندما أختبرت العلاقة بينهما بالممارسة الفعلية في السياسة الداخلية والسياسة الخارجية تبدت جفوة كانت قد ظهرت في ملفات إستهدفت الشأن الخارجي بحسب تحليلهم (لقاء البرهان نتنياهو ،خطاب حمدوك للأمم المتحدة وملف المحكمة الجنائية ) وكلها ملفات كما يرون استهدف بها المكون العسكري وليس المصلحة العليا للبلاد ، بيد أن التحول الجديد الذي ظهر في أحداث الخميس أن هنالك تجاوزات وأعمال عنف وبالتالي عنف مضاد وقد صدرت العديد من البيانات والتصريحات المتحدثة عن استخدام العنف المفرط من قبل قوات الشرطة تجاه المتظاهرين يمكن كما يقول مراقبون أن يقبل إذا ما قورن بأن هنالك عنف وإستفزاز وخروج عن المسار وعن السلمية ووسائل التعبير من قبل المتظاهرين ،ويذهب البعض الى إن خطاب رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك وتركيزه على العنف المفرط وتكليف النائب العام بالتحري وعدم الإشارة الى مابدر من الطرف المتظاهر يخرج الحدث من إطاره القانوني الى الإطار السياسي بإعتبار أن من دعوا الى التظاهر يمثلون الحاضنة السياسية للحكومة .
خبير أمني وإستراتيجي فضل حجب إسمه ينظر الى الأمر بأنه محاولة لتشويه صورة القوات المسلحة ونسف تأريخها ويضيف أن التحديات أمام الفترة الإنتقالية كبيرة وعلى جميع الأطراف الإبتعاد عن أية محاولة للتشويش ويؤكد ان تصرف الشرطة جاء نتيجة للإستفزاز الشديد من قبل المتظاهرين ويشير الى وجود ثلاثة واربعين حالة إصابة بين ضباط وضباط صف وجنود الشرطة ويضيف بأنه حسب متابعته ومشاهداته فإن هنالك إنحرافا في مسار التظاهرات المعلنة وفق مسار محدد يستهدف موقعا معينا لتسليم مذكرة ، كما أن الجهات الأمنية رصدت العديد من المتفلتين وسط المتظاهرين كانت قد أظهرتها أشرطة فيديو متداولة في الشارع العام ويضيف الخبيرالأمني أنه وبحسب بيان القوات المسلحة فإنه يشير الى حتمية أن يذهب الضابط المعني إذ إن للمؤسسة العسكرية معاييرها وضوابطها وأعرافها وتقاليدها الراسخة ويشدد على ضرورة أن تكون هنالك كوابح من قبل الحاضنة السياسية للحكومة فأفرادها يسيئون لها ولأجهزتها القضائية بحسب قوله ويلفت الى ان رئيس الوزراء كان قد كرر في بيانه عبارة العمل المشترك لأربع مرات في دلالة واضحة كما على حرصه على العمل المشترك والحفاظ على استقرار الفترة الإنتقالية .
يجمع المراقبون على أهمية طرح الامور بشفافية ومصارحة بجانب الإهتمام بالوثيقة الدستورية التي حددت مسبقا أن إعادة هيكلة الأجهزة النظامية هي من إختصاص المكون العسكري عبر مجلس الأمن والدفاع وعبر اللجنة الأمنية التي تم تشكيلها ويرفضون اي ضغط تمارسه قوى الحرية والتغيير على الجهاز التنفيذي وعلى المجلس السيادي لتحريف القانون لصالحها ويدعون الى ضرورة احترام المؤسسة العسكرية ويؤكدون على أن موقف الضابط المقال محل احترام من الثورة لكن هذا لا يعطيه الحق أو المشروعية في تجاوز القانون فضلا عن أن اسلوب المكون المدني في مواجهة المكون العسكري عبر الشارع وتعبئة الجماهير وضع غير صحيح ويضع العلاقة في إطار غير صحيح وربما يدفع المكون العسكري الى التفكير في خطوات وبدائل قد لا تكون عواقبها مفيدة للمكونيين في الفترة الإنتقالية .