أثار قرار وزير المالية والاقتصاد الوطني جبريل إبراهيم، ردود فعل قوية وجدلا عنيفا على منصات التواصل الاجتماعي، ولم تقتصر ردود أفعال الشارع على مناهضة القرار على السوشيال ميديا، بل امتد ليكشف التباعد والتشاقق بين الجهاز التنفيذي والائتلاف الحاكم، حيث شن تجمع المهنيين السودانيين، هجوماً عنيفاً على القرار القاضي بتحرير أسعار الوقود بشكل كامل ووصفه بغير المدروس، معتبراً أن ما تفعله الحكومة سيأتي بنتائج كارثية!!
وأكد عضو سكرتارية التجمع محمد ناجي الأصم، في تصريح لـ(الصيحة)، إنه لم تتم مشاورتهم في الحرية والتغيير وتجمع المهنيين بهذا القرار، بالتالي سيعملون على مواجهته بالضغط الجماهيري، وأضاف أنّ القرار لن يمر عليهم بالصورة العادية!!
وكشف عن وجود قاب بين الجهاز التنفيذي والحاضنة السياسية، الأمر الذي اعتبره السبب الأساسي وراء ضعف الأداء الحكومي وتفاقم الأزمة الاقتصادية.
و قال ناجي أنّ المواطن أصبح لا يتحمّل أعباءً إضافية، ولفت إلى أن القرار سيرفع قيمة تعريفة المواصلات لـ”100%”، بالتالي ستكون في غاية الصعوبة، ومن ثم لا يستطيع العاملون والمواطنون الوصول إلى مواقع عملهم، وأكّد أنّ القرارات الحكومية لا تراعي معاناة الشارع، خاصةً وأنه صبر كثيراً على سياساتها، لكن لا حياة لمن تنادي.!!!
في السياق، قطع الأصم بأن اتخاذ الإجراءات الاقتصادية دون إصلاح الخدمة المدنية لا يجدي، وطالب بمعالجة الترهل الإداري بالخدمة المدنية، الذي اعتبره وراء إضعاف حكومة حمدوك، وقال إنّ الحكومة مازالت ضعيفة وترفض مُواجهة إصلاح الخدمة المدنية لتخوُّفها من سخط العاملين، وأضاف لا بد من إصلاحها بغرض ضبط ترشيد إيرادات الدولة لضمان إنجاح الإجراءات الاقتصادية، وتابع: بدون فعل ذلك لا نتوقّع تحسناً في الأوضاع الاقتصادية على المدى القريب، وأردف أن الحكومة تعمل بعيداً عن الواقع الموجود بالخدمة المدنية.
قطيعة أم جفاء؟
وبالمقابل، تساءل متابعون عن القاب الذي أصبح يتسع مؤخراً بين الحاضنة السياسية والجهاز التنفيذي. وحسب خبراء ومحللين فإن ما يحدث بين الائتلاف الحاكم والجهاز التنفيذي جفاء وصل حدّ القطيعة عبر استبعاد الحاضنة السياسية عن مطبخ القرارات، وقالوا إن هذه الخلافات المنتصر فيها مهزوم أو كالرهان الخاسر مَن يكسبه مهزوم.
وكشف مصدر بالحرية والتغيير فضّل حجب اسمه لـ(الصيحة)، أن أسباب الجفاء بين الجهاز التنفيذي والحاضنة بدأت تطفو على السطح عقب تكوين مجلس الشركاء الانتقالي الذي أصبح الأقرب للجهاز التنفيذي، وأردف صحيح أن مجلس شركاء الحكم ضم الحرية والتغيير، وممثلين من مجلسي السيادة والوزراء، والجبهة الثورية.. لكن بقرائن الحال فإن هذا المجلس ايضاً بدأت تدب فيه الخلافات، وأضاف أن الخلافات الآن وصلت الى طريق مسدود، وهنالك اتجاه واضح داخل الحاضنة للتصعيد، على خلفية حديث تجمُّع المهنيين وجود قاب بينهما، وأضاف ان الوضع الآن مُشوشٌ وخَطيرٌ!!!
مَن يدفع الثمن؟
في السياق، أجاب المستشار الاقتصادي لتجمع المهنيين عضو اللجنة الاقتصادية لمركزية قوى الحرية والتغيير البروفيسور محمد شيخون في حديثه لـ”الصيحة”: إن قرار تحرير الوقود يستجيب لمتطلب الحكومة، كما يستجيب لمتطلب القوى الدولية، لكنه لا يستجيب بأي قدر لأي دافع وطني،
وأنّ أيِّ مواطن سوداني تعايش مع حجم المُعاناة لا يتخيّل أن تأتي الحكومة وتضاعف هذا السعر لماذا؟؟؟؟ لأن هذا القرار هو صحيح في مصلحة القوى الدولية!!!!
وأضاف “شيخون” ولا نُغالي إذا قلنا إنّ من أهم مطلوبات القوى الدولية أن يصل سعر الصرف للجنيه السوداني لـ(1000) أو (1500) وهذا يعني كل ما ارتفع سعر الصرف في مصلحتهم، وأيضاً في مصلحة من لديه الدولار من السودانيين، وربما حتى في الحكومة!!! وأردف بأي شكل فإن زيادة الأسعار يدفعها المواطن البسيط!!!
واستطرد بروف “شيخون”: إن الحكومة أصبحت كمن تُمهِّد الطريق لتنفيذ مطلوبات القوى الدولية وأصبح شيئا إضافيا من مطلوبات القوى الدولية أن يمثلوا مصلحة الطبقة البرجوازية الطفيلية الموجودة في البلد، وواضح جداً مطلوب منهم أن يمهدوا الطريق أمام نظام الإنقاذ الذي لن يعود.
وزاد: أنا أسأل كل مواطن سوداني هل بينهم من لم يدخل فيلم المؤتمر الصحفي أمس قبل هذا التاريخ؟ في العشر سنوات الأولى قبل المفاصلة وعهد قيادة الترابي؟ ألم يتذكّر ذلك العهد، وألم يتذكّر نهاية النظام دفاع معتز موسى.. لماذا؟؟؟ لأن هذا هو نفس المنهج ونفس الملامح والشبه وليس هناك بديل لهذه السياسة، “هذه لغة شبعنا منها وجراحة مؤقتة وثمن سيدفعه الشعب في أمد قصير”!!!!
مناهضة القرار
قال وزير المالية د. جبريل ابرهيم إن الحكومة الحالية لا خيار لديها إلا بإصلاح الاقتصاد وحتى إن سقطت، فإن الحكومة التي تأتي بعدها لا تملك خياراً غير المضي في ذات الإصلاحات.
وناهض الحزب الشيوعي، الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، وهدّد بإسقاط الحكومة وسياساتها في مسيرة يوم 30 يونيو. وقال الحزب إنّ الشعار المرفوع سيكون (تسقط بس)، ليكون السقوط مدوياً كما حدث لحكومة المخلوع. وهدّد القيادي بالحزب كمال كرار في تصريح صحفي بسقوط الحكومة في 30 يونيو.
وطالب رئيس اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير د. عادل خلف الله بإلغاء التسعيرة الجديدة، وحذّر الحكومة من غضب المواطنين بسبب الزيادة، وقال “المواطن فات حدّ الصبر”!!! وتوقع خروج قطاعات من الإنتاج خاصة قطاعي الزراعة والصناعة وزيادة حِدّة الفقر واتّساع قاعدته، وقال إنّ الحكومة بهذه الزيادة (زادت الطين بلّـــــــــــــــــه)!!!!
وطالب حزب البعث السوداني، الجماهير بمقاومة الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود، وقال المكتب السياسي للحزب في بيانٍ إن حكومة حمدوك تخلت عن برنامج الفترة الانتقالية الذي ركّز على الأوضاع الاقتصادية للمواط ، وأكد المكتب السياسي لحزب البعث أن الحكومة فاقدة لرشدها تماماً، لدرجة انها تتجاهل انها حكومة تم تكليفها بعد ثورة ديسمبر وفق برنامج للفترة الانتقالية، وهي بلا شك تعلم أن هذه الزيادات ستنعكس على الإنتاج والمواصلات وعلى أسعار السلع والخدمات، مما ينذر بانهيار كلي لقدرة المُواطنين في الحصول على الحد الأدنى من ضروريات الحياة. ويأتي الحديث عن خُطط للإصلاح الاقتصادي بمثابة ذر للرماد في العيون.
الصيحة