
#صالون_الريس
الجنيه السوداني يحتضر… فهل يُنقذه الذهب؟
✍️ د/ أشرف الريس
22 / 7 / 2025
أعزائي القراء الكرام تحيةً ،واحترام وبسم الله نبدأ الكلام… قبل سنوات قليلة، كنت في زيارة لمدينة أبوحمد شمال السودان، لحضور فعالية مجتمعية ينظمها شباب المنطقة. وبينما كنت أجلس في سوق الذهب هناك، جذبني شيخٌ نحيل في السبعين من عمره، يبيع بعض المشغولات البسيطة على منضدة خشبية متواضعة.
سألته:
يا عم
كيف السوق اليوم؟
فابتسم بهدوء، ورفع قطعة ذهبية صغيرة بيده قائلاً:
“طالما ده موجود… الجنيه ممكن يمرض، لكن ما بموت.”
ضحكت حينها، ظننتها حكمة من حكم الباعة الكبار.
لكن اليوم، وأنا أرى الجنيه يُصارع من أجل أنفاسه الأخيرة، أدركت أن ذلك الشيخ كان أبعد نظرًا من كثير من وجهائنا.
ما نعيشه اليوم ليس مجرد أزمة صرف… بل انهيار ثقة شامل.
الجنيه لم يعد له وزن… لا في الجيب، ولا في السوق، ولا في عيون التجار.
والأخطر؟ أن المواطن نفسه فقد الإيمان بالعملة الوطنية، فصار يبحث عن أي بديل: دولار، ريال، حتى الذهب والعملة الإلكترونية.
في وسط هذه العاصفة الاقتصادية، يلوح حل جريء ومثير للجدل… لكنه يستحق النظر: ربط الجنيه السوداني بالذهب.
ليس اختراعًا جديدًا، بل أسلوب اعتمدته دول عديدة للخروج من أزمات مالية طاحنة. الفكرة ببساطة؟ أن نُثبت قيمة الجنيه بوزن معين من الذهب، بحيث تُصبح له قيمة حقيقية ومضمونة.
“جنيهك يساوي كذا ملليغرام من الذهب”… انتهى الكلام.
السودان من أغنى دول أفريقيا بالذهب… لكن للأسف ليس للدولة!
والذهب لا يفلس، لا يتعفن، لا تُطبع منه نسخ ورقية مزيفة.
ربط العملة بالذهب يعيد ثقة الداخل والخارج في الاقتصاد الوطني.
لا يمكن ربط الجنيه بالذهب ما لم تتوفر عدة شروط منها إستعادة الدولة دورها في السيطرة على الذهب المهرب والمنهوب ،وكذلك إنشاء احتياطي ذهبي حقيقي في البنك المركزي، وأيضاً تحرير البنك المركزي من التدخل السياسي.
، ومن الضروري وضع تشريعات شفافة وثابتة تمنع أي تلاعب لاحق، ويسبق كل ذلك توفير إرادة سياسية لا تخشى القرارات الجريئة.
لا بد من الإشارة بأن ربط الجنيه بالذهب لا يُغني عن دعم الزراعة والصناعة، وضرب السوق الأسود بيد من قانون.
هل ننتظر حتى يختفي الجنيه؟
أحيانًا لا يُنقذنا إلا أكثر الحلول جُرأة، وقد نحتاج أن نغوص في أعماق الذهب لنُعيد الجنيه إلى سطح الحياة.
تمامًا كما قال ذلك الشيخ في سوق أبوحمد…
“طالما الذهب موجود… الجنيه ممكن يمرض، لكن ما بموت.”
وأقول ختاماً: ربما حان الوقت لنجعل تلك الحكمة الشعبية سياسة دولة.
فلنربط الجنيه بشيء يملك وزنًا حقيقيًا… قبل أن يتحول إلى ذكرى من ورق.
#من_اجل_صناعة_مجد_السودان
د/ أشرف الطاهر حماد
رئيس الجهاز الشعبي لنهضة السودان