مازال البون بين الحكومة والحاضنة السياسية متسعاً بشأن تحرير الوقود، وتمثل ذلك جلياً في اعتراف قوي وواضح ممهور بتوقيع من الحكومة ممثلة في وزارة الطاقة والتعدين بالاتفاق مع الحاضنة السياسية لوضع سعر موحد بين السعرين، أي سعر متوسط بين المدعوم والتجاري، واستخدم آلية القطاع الخاص لاستيراد الوقود واذي سرعان ما كذبته قوى الحرية والتغيير في بيان بأن حديث وزير الطاقة في إحدى القنوات المحلية لا أساس له من الصحة، وان مخرجات المؤتمر الاقتصادي تؤكد على أن تلعب الدولة دورها في الاقتصاد، ومن ضمن هذا الدور يدخل استيراد ما يساوي الفجوة في الإنتاج المحلي بالنسبة للوقود والغاز والقمح، مشيرة في بيان صحفي الى أن آخر اجتماع ضم رئيس الوزراء والقطاع الاقتصادي والمجلس المركزي واللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير تم التأكيد فيه على أن الحرية والتغيير وخبراءها الاقتصاديين يرفضون رفع الدعم وزيادة سعر المحروقات وما يسمى السعر الحر.
والثابت أن الحكومة تسعى لتحرير الوقود بغرض حل أزمة بواخر الوقود المحملة بميناء بورتسودان لأكثر من شهر، بسبب التعثر في توفير المكون الأجنبي لإدخالها.
أزمة بلد
وذكر الخبير في قطاع النفط م. سعد الدين البشرى في اثناء حديثه لـ(الإنتباهة) ان ازمة الوقود ازمة بلد اقتصادياً ومالياً، وعاب تحميل وزارة الطاقة كل العبء والمشكلات، داعياً الوزارة لوضع خطط وبرمجة مخصصة للتوزيع، واستنكر وجود أزمة للبنزين بالشكل الحالي، لجهة أن مصفاة الجيلي تنتج حوالى 70%.
واستنكر البشرى تحرير سعر الوقود وان كان مؤقتاً من أجل دفع غرامات البواخر، وقال: (اذا كان هذا السبب فهو شيء مضحك، ومن الافضل دفع الغرامة بدلاً من تحرير الوقود في هذا الوقت بدون تخصيص او ترشيد له، مما ينعكس على المواطن ووصفه بالجحيم).
هروب للأمام
واشار الى ان نظام العطاءات ليس بجديد في عمل توفير الوقود بمشاركة بنك السودان ووزارة المالية اضافة للطاقة، وزاد قائلاً: (ولا تستحق هذه البروباقندا الاعلامية الممنوحة حالياً) الأمر الذي اعتبره مضللاً جداً، داعياً للتركيز على الازمة الحقيقية، وقال: (إن ارادوا التحرير عليهم تحمل نتيجة سياستهم)، مؤكداً عدم جدوى التحرير على الاقتصاد، لجهة أنها قضية تتعلق بسياسات مالية والسيطرة على سعر الصرف، وهي احد اعمدة تحرير الوقود، وبعدمها فإن الأمر لن تكون له نهاية.
وحذر البشرى من خطورة سياسة التحرير لانعكاسها على صادرات البلاد من المنتجات المحلية لتأثيره في تكاليف الزراعة، وبالتالي لن تكون منافسة خارجية، داعياً الى عدم تحرير الوقود بالشكل المجبورة عليه الحكومة، واعتبر الزيادة التدريجية لسعر الوقود هروباً للامام.
قانون عالمي
وفي بادئة حديثه لـ (الإنتباهة) طالب الخبير في النفط إسحاق جماع بعدم الخلط بين البواخر الرابطة في البحر وعلى الأرصفة، ولفت الى ان البترول يتم شراؤه عبر اتفاقيات دولية معروفة فيها البيع الاجل، وهذا يتم بنسبة 90٪، أو عن طريق الدفع الفوري ويمثل 10٪ فقط، مبينا أن البواخر لا تأتي إلا بعد الاتصال بها للقدوم، ولا يمكن أن نأتي بها قبل التفكير في كيفية الدفع لها خاصة الغرامة المقدرة بـ (20) الف دولار يومياً والقانون العالمي يحكم الأمر.
ولفت إلى أن السودان يقع بالقرب من سوق البترول أو المنتجين، سواء كانت المملكة العربية السعودية أو دول الخليج وقطر، ويتطلب الأمر ترتيبات سياسية وفنية وليست جوانب مالية فقط، ولا بد من تكامل كافة الأطراف والاتفاق عليها.
بلا معنى
وقطع جماع بأن تحرير الوقود لا معنى له في ظل الظروف التي يعيشها السودان حالياً، وأن الحكومة هي التي تحدد الاسعار وتسيطر عليها وتقوم بترتيب التسويات.
وأضاف قائلاً: (التحرير لن يعالج الأزمة لجهة أنه يخفف تبعية الديون الا أن عنصر الاستيراد سيظل قائماً)، لافتاً إلى أن الدولة لها مقدرات في التفاوض والترتيبات مع الأصدقاء ودول الجوار سياسياً واقتصادياً، والسودان (ما شحاد) على حد قوله، بل له موارد واقتصاد معروف، وإيجاد ترتيبات مع منابع النفط لحل المشكلة لمدة عام كادنى تقدير.
وأكد وجود شركات تستغل الظروف الاقتصادية الحالية وتقف بالميناء لأخذ الغرامة من السودان، ولا تعمل بالخسارة لأنها ستبيع حمولتها وتأتي بأخرى.
الانتباهة