ظللت اتابع كغيري ممن يعيشون حالة احباط متأخرة مما يتم تداوله عبر الوسائط حول دعم اسرائيلي للشعب السوداني بما قيمته خمسة ملايين دولار، وهكذا ظن الواهمون ان هذا الدعم (المسموم) يمثل للبلاد الخروج من عنق الزجاجة وينهي طوابير الخبز ويجعلنا نعيش في بحبوحة من (العيش)، فيا للخيبة ويا للتعاكسة والانتكاسة ويا للذلة والمهانة، ان نصل الى هذا الحد من الانحدار والسقوط، ونتناسى تاريخنا الباذخ من الشهامة والكرامة، وندوس على ما انعم الله علينا به من موارد ضخمة لم تتوافر وتجتمع بهذا الكم والكيف في اية دولة من دول العالم، فلم نجتهد في تسخيرها والاستفادة من خيراتها، لننتظر في كل مرة وكل عام، من الاشقاء والاصدقاء، واخيراً انضم اليهم الاعداء، ننتظر من هؤلاء جميعاً العطايا والهبات (والفتات). فنثني على من يدفع، ونستنكر على الدول التي لم تلتزم بما اعلنته من تبرعات.. وحكومتنا بلا خجل لا تكف عن البحث عن الدعم الخارجي (تحمل في شمالها القرعة وفي يمينها دفتراً للتنازلات، اذ لم يبق من هذا الدفتر غير صفحات، ونخشى ان تسخر لبيع الوطن باكمله مقابل ملء القرعة).
صدقوني جميعنا شركاء في هذا السقوط، فما بال اولئك يفغرون افواههم كي يطعمهم الآخرون، وينتظرون لقمة من دولة لا تملك ما نملكه نحنن ثم حكومتنا لا تملك خطة واضحة للعبور الحقيقي من الازمات التي نعيشها، بل انها لم تستفد من الاخطاء السابقة والعمل على تجاوزها.
وفي العام الماضي تهيأت الظروف المناخية للاستفادة من الموسم الشتوي، ووجدت الحكومة سانحة ذهبية ولكنها لم تستثمرها لانجاح الموسم الذي انتهى بنجاح المزارع وفشل الحكومة.
وعلى ذات الطريقة العشوائية تدخل الحكومة في الموسم الشتوي دون التحضير الجيد وتوفير التمويل المناسب.
فولاية نهر النيل وهي تمثل رأس الرمح في انتاج القمح بجانب الشمالية، مازالت بعيدة عن الدخول في الموسم من واقع الانهيار وسوء الادارات في المشروعات الزراعية، اذ لا يجدي التحرك لمعالجة القصور بعد ان بدأ الموسم فعلياً.
وفي الولايات المعنية بزراعة القمح وهي نهر النيل، الشمالية، الجزيرة وسنار الى جانب شمال كردفان، نجحت تجربة زراعة القمح خلال العامين الماضيين، فكان حرياً بالحكومة المركزية وحكومات هذه الولايات، استنفار كافة الجهود وتخصيص مساحات اضافية لزراعة القمح، وتوفير هذه السلعة الضرورية وصولاً للاكتفاء الذاتي، وعندها لن نرهن ارادتنا الى غيرنا، ولن نجعل الآخرين يسخرون منا كما يحدث الآن.
الانتباهة