الاخبار

محجوب مدني محجوب : أزمة الحرية

173views

كنا نظن أن كل أزمة للحرية تكون بسبب نظام باطش، وديكتاتوري، وبسبب أجهزته الأمنية التي ينشرها في كل مكان.
إلا أننا اكتشفنا، وللأسف أن أزمة الحرية أوسع من مجرد رئيس عسكري تلتف حوله مجموعة من رجال الأمن.
فقد تجد نفسك في قروب أغلب عضويته تنتسب لجماعة معينة، فإن كتبت ما لا يرضيهم هوجمت وربما حذفت.
وقد تجد نفسك تكتب في جريدة عامة تدعي الاستقلالية، واحترام الرأي، والرأي الآخر إلا أنك بمجرد ما تهاجم ما تنتمي إليه وتؤمن به رفضت كلامك وأبعدتك.
أو أنك كتبت حسنا فيما يسيؤها، فسوف لن تكون ضمن كتابها ومحرريها.
وبضغطة ذر على قناة إخبارية حول العالم، فسوف تجد من خلال ضيوفها، وتحليل أخبارها أي توجه تدعم، وأي جهات تستعدي.
أما مجال العمل وأصحاب الأموال، فحدث، ولا حرج، فلن يكون قربك، وبعدك منهم إلا بمقدار ما يعجبهم هم، ويسرهم.
لم تعد الحرية متاحة للجميع بمجرد وجود نظام يكفل للجميع التعبير عن آرائهم، ومواقفهم السياسية، فمع ضرورة توفر هذا النظام لا بد أن تكون الحرية سلوكا يتصف به كل صاحب مؤسسة سياسية أو إعلامية.
إن كانت كل مؤسسة سياسية، أو إعلامية تجمع حولها من يؤيدها ويدعمها، وترفض كل من ينقدها، ويخالف موقفها، فسوف يكون معنى بسط الحريات معنى فارغا من أي محتوى، وسوف لن تظهر ثمرات الحرية حتى بعد غياب حكم الفرد، والنظم الديكتاتورية.
الحرية مثلها مثل القيم الأخرى كالصدق، والأمانة وحسن الخلق تحتاج إلى دربة، وتوجيه، وإرشاد يبدأ من الفرد، والأسرة، ويمتد؛ ليشمل جميع المؤسسات التربوية، والاجتماعية والإعلامية، والسياسية.
الحرية معنى نبيل إذا تحقق في مجتمع ما لا يعني أن هذا المجتمع تخلص من النظم الديكتاتورية فقط بل يشير أيضا إلى رقي هذا المجتمع الذي صار يميز بين الفوضى من جهة، والحرية من جهة أخرى، وبين الكبت، والانحلال من جهة، وبين احترام العقيدة، والأخلاق الحسنة من جهة أخرى.
وبين الأمزجة والولاءات الضيقة من جهة وبين الرأي المسؤول والموقف القانوني من جهة أخرى.
الحرية هواء نقي نتنسم من خلاله كل موقف مسؤول يدعم الصواب ويرفض الخطأ دون المساس بعقيدة أو خلق رفيع.
حتى تقبلني ليس بالضرورة أن أوافقك الرأي.

الانتباهة

ليصلك كل جديد انضم لقروب الواتس آب

Leave a Response

2 × 1 =