محمد عبد الماجد يكتب: الحكومة رفعت (الدعم) عن المحروقات وفقدت (الدعم) من الشعب!!
(1)
الحكومة الانتقالية كان نجاحها وسحرها الذي يبدد كل المخاوف ويمنحها القدرة والقوة يكمن في السند و (الدعم) الذي تجده من الشعب السوداني.
حظيت هذه الحكومة بقوة من (الدعم) والحب لم يتوفر لحكومة غيرها في الأرض.
دعمت هذه الحكومة بالتروس والدم والروح ولم يبخل عليها الشعب السوداني بشيء.
أتستكثرون الآن على الشعب السوداني العظيم (دعم) المحروقات؟
الشعب الذي دعمكم بالدم والروح تبخلون عليه دعم البنزين والجاز!!
قيادات الحكومة الانتقالية كانت (نجوماً) في المجتمع – يحبهم الناس ويتحدثون عنهم كأبطال ثورة مثل علي عبداللطيف وعبدالفضيل ألماظ – كفى أن نقول إن الشعب السوداني ابتكر من عنده – من غير إعلام وتوجيهات (ترند) أصبح مرتبطاً بالسيد رئيس الوزراء يحمل دائماً عنوان (شكراً حمدوك).
الآن إذا أردت أن تسمع أكبر قدر من اللعنات والسباب في مواقع التواصل الاجتماعي انشر صورة مسؤول أو اذكر اسمه – سوف تلاحقه اللعنات أو (الردم) كما يعرف من الجميع.
حتى الذين أطلقوا عليهم (أيقونات) الثورة، فقدوا مكانتهم – ودخلوا في سوق الإعلانات والتجارة والتكسّب باسم الثورة.
تخيلوا أن هناك (أيقونة) يقوم بالإعلان عن أحد أنواع (الطلاء) – كما أن هناك (ايقونات) كُثر استغل اسمها وصورها في برامج الجيش وتجميل قوات الدعم السريع – هذا الأمر لم يتم بصورة عفوية، كما أنه لم يكن نتاج غفلة منهم وإنما كان هناك عائد ومكسب لهم مقابل هذا الاستغلال.
لقد استغلوا برضاهم وهواهم، وهم في كامل قواهم العقلية – قبضوا ثمن هذا الاستغلال بالعملة الصعبة.
دعم بسيط كانت تقدمه الحكومة للمحروقات كانت تحصد منه كل الدعم والسند من الشعب.
هناك طاقة إيجابية وحالة من التوهج والثورة والحماس كان يفرزها (دعم المحروقات) – الآن تم رفع الدعم عن المحروقات وفقدت الحكومة الانتقالية وجودها في الشارع ودعمها من الشعب.
ذلك المزاج (العكر) من هو المسؤول عنه؟
هذا الدعم الذي كانت تقدمه الحكومة للمحروقات كانت الدولة تحصد أضعافه مادياً ومعنوياً.
دائماً ما نقول إن الذين يخططون للحكومات لا ينظرون أبعد من (جيب) المواطن. هم أناس يعملون بلا عقول – ولا ينتظرون أكثر من (حافز) رفع الدعم و(نثريات) تطبيق القرار.
إنهم ناس خلقوا فقط من أجل أن يعكروا صفو الشعوب .. فهم لا يشعرون بالراحة والمتعة إلّا إذا ضيّقوا على المواطن.
حياتهم في (خنق) غيرهم.
(2)
نعيد ونكرر ما قالوه عن وزير المالية واللا تخطيط الاقتصادي الدكتور جبريل إبراهيم – الذي ترك ثروات النظام البائد وأموال قياداته التي نهبت من هذا الشعب وانطلق يلاحق ويبحث في (جيب) المواطن.
وزير المالية الذي يحسبها بالمليم في (رفع الدعم) ويؤكد أنهم ليس لديهم مخرج غير (جيب المواطن) نفى مجدّداً، تسلّم وزارة المالية أيّ أموال من لجنة إزالة التمكين وكذّب جبريل في تصريحاتٍ لصحيفة (الصيحة) الصادرة، الاثنين، حديث عضو لجنة إزالة التمكين وجدي صالح بأنّ المالية تسلّمت مبلغ (6) ملايين دولار(كاش)، من ملف استرداد النقل النهري، وأنّ هنالك ملايين الدولارات بطرف الوزارة. وتحدى جبريل وجدي صالح بإبراز المستند الذي سلّمت به لجنة إزالة التمكين الأموال إلى وزارة المالية حتى يعلم الجميع الحقيقة بحسب قوله.
هكذا يجتهد جبريل و(نفسه يقوم) من أجل أن يؤكد أنهم لم يستلموا (دولاراً) واحداً من لجنة إزالة التمكين وكأن هذا الأمر (إنجاز) لهم أو كأنه يمنحهم صك البراءة ويجوّز لهم رفع الدعم.
أموال النظام البائد وثرواته محمية بهذه الحكومة – أما (جيب المواطن) فهو الحيطة القصيرة الذي يعتمدون عليه في الحكومة وفي الاقتصاد.
أين ذهبت الـ(6) مليون دولار في ظل هذه الاتهامات المتبادلة بين وزير المالية ولجنة إزالة التمكين؟
(6) مليون دولار لا نعرف أين ذهبت وكيف تم توريدها؟ والضحية في النهاية (المواطن) و(جيبه).
كان الله في عون هذا الشعب الذي فجّر ثلاث ثورات ولم يعط أكثر من جبريل وجادين وبلول ومريم الصادق وود الفكي!!
(3)
إذا فقدت وزارة المالية (6) مليون دولار – وراحت هكذا في (الغلاط) بين وزير المالية ولجنة إزالة التمكين فان الأموال والدعم والفروقات الخيالية التي حدثت بعد رفع الدعم من المحروقات من حقنا أن نعرف أين تذهب وكيف تصرف؟
لن نسألكم عن الأموال التي استردت من النظام البائد عبر لجنة إزالة التمكين فهي تبدو أنها تدخل في بند (وعفا الله عما سلف).
ولن نسألكم عن (المنح) والدعم الخارجي الكبير الذي توفر لهذه الحكومة من الخارج – هذه أرقام لا يعرف أحد عنها شيئاً… نسمع عنها فقط في المؤتمرات الصحفية.
ولن نسألكم عن كلفة الحرب التي توقفت وقد أعلن وزير المالية بنفسه أن الحكومة كانت تصرف (5) مليون دولار في اليوم على الحرب قبل توقيع السلام.
لن نسألكم عن الفساد والصرف الذي كان يمارسه النظام البائد وتوقف الآن – أو يفترض أن يكون قد توقف.
سوف نسألكم فقط عن (الفروقات) التي عادت على الحكومة من رفع الدعم عن المحروقات.
سعر اللتر أصبح بعد رفع الدعم (290) جنيهاً والبرميل الواحد فيه (73.25) لتر… بما يعني أن عائدات برميل البنزين أصبحت (2.124.250) جنيهاً. يعني البرميل سعره أضحى أكثر من 2 مليون جنيه (2 مليار جنيه بالقديم).
هل تستوعبون معي قيمة هذه العائدات والفروقات بعد رفع الدعم؟
وزير المالية قال في المؤتمر الصحفي الأخير إن البلاد تنتج (60) الف برميل في اليوم من النفط أو يفترض أن يكون كذلك– ثم قال إن المنتج الفعلي من النفط هو (57) الف برميل فقط نعمل من أجل أن نرفعها الى (74) الف برميل بعد صيانة آبار النفط.
هذا حديث وزير المالية بنفسه وليس حديث لجنة إزالة التمكين .. مما يعني أن عائدات وزارة الطاقة والمالية والحكومة الانتقالية بعد رفع الدعم أصبحت حوالي (121.082.250.000) جنيه في اليوم الواحد.
نتكلم عن أكثر من (121) مليار جنيه في اليوم من عائدات النفط بعد رفع الدعم عن المحروقات. (121) مليار جنيه بالجديد وليس القديم – أعذروني لا أستطيع أن أتي لكم بالرقم بالعملة القديمة لأنه دخل في (121) ترليون جنيه كما أتصوّر…(والله اعلم) – الرقم أكبر من طاقة الحاسبة الآلية!!
هناك طبعاً فارق بين أسعار البنزين والجازولين ..لكن يبقى هذا الفارق ضئيلاً.
أين تذهب هذه الأموال؟
نريد أن نعرف أوجه صرفها.
الحكومة كانت تدعم (المحروقات) بمبالغ ضخمة .. أين ذهبت الأموال التي كانت تدعم بها الحكومة المحروقات… فيما يتم صرفها؟
نتحدث عن بند يومي … وأموال يومية… كما نشير إلى أن هذه الأرقام معنية فقط بما يتم إنتاجه من النفط في السودان غير الوقود المستورد الذي كان يدعم وتوقف ذلك – مما يعني أن هناك (أرباحاً) تعود على الحكومة من هذا الإنتاج.
قد تكون هناك جهات ما زالت مدعومة – مثل المشاريع الزراعية والجيش والشرطة والأمن – كما يمكن أن نخرج استهلاك جهات حكومية أخرى من (النفط) ونخصمه من هذه الحسبة.
إذا كان المتبقي بعد ذلك من العائدات نصف هذا المبلغ أو حتى ربعه.. أين تذهب هذه الأموال؟
(4)
بغم /
يبدو أن مبرر الحكومة الانتقالية من رفع الدعم عن المحروقات يتمثل في أن المواطن نفسه أصبح من (المحروقات).
نكرر / ما فعله جبريل في (السلام) لم يفعله في (الحرب).
إذا عاد جبريل إلى سيرته الأولى وقال لكم مبرراً : (ما لدنيا قد عملنا) و(هي لله هي لله) فلا تصدقوه.