المقالات

#صالون_الريس الدول النائمة ✍️ د. أشرف الريس

147views

#صالون_الريس

الدول النائمة

✍️ د. أشرف الريس
30 / 6 /2025

أعزائي القراء الكرام تحيةً ، واحترام وبسم الله نبدأ الكلام… في سكن عشوائي على أطراف مدينة كادقلي، كانت أم أنور تمسح على وجه طفلها المحموم بعد أن عجزت عن إيجاد علبة مضاد حيوي.
فالمليشيا وأعوانها حالوا دون وصول الأدوية إلى كادقلي.
ولم تكن تعلم أن ابنها سيموت بعد ثلاثة أيام فقط، لا بسبب الحرب وحدها، بل لأن “الدول النائمة” لم تستيقظ بعد.

نعم، “الدول النائمة”… تلك العبارة التي لم تكن خطأ، ولم تكن زلة لسان، بل كانت أكثر العبارات دقة وصدقًا في محفل دولي رسمي، حين نطق بها سعادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، مخاطبًا القمة الدولية الرابعة لتمويل التنمية في إشبيلية – إسبانيا، في 30 يونيو 2025.

لم يصعد البرهان إلى منصة المؤتمر كباحث عن الشفقة، بل كممثل لوطنٍ يحترق، ينزف، لكنه لا ينحني.
قالها بجرأة تحترم عقول الحاضرين وتصفع نفاق المتفرجين:
لا نطلب تعاطفاً أو مساعدات مؤقتة، بل نطالب بدعم مستدام قائم على إنصاف حقيقي ونظام دولي عادل…”
ثم أطلق عبارته القاطعة:”لقد برهنت أزمة السودان، بما لا يدع مجالاً للشك، أن النظام المالي العالمي الراهن يحتاج إلى إصلاح جذري”

وكانت اللحظة التي دوّى فيها وصفه لتلك العواصم التي تملك الحلول لكنها اختارت الصمت:
“الدول النائمة”.
عبارة هزّت الصمت الدولي
في عالم السياسة والدبلوماسية، الكلمات تُوزن بالذهب. وعبارة مثل “الدول النائمة” ليست مجرد توصيف…
إنها صفعة ناعمة تحمل في طياتها اتهامًا ضمنيًا للدول التي ترى المجازر وتدير ظهرها، تسمع نداء الأطفال وتحوّل قنواتها إلى أخبار الطقس، تملك الإمكانات لكنها تنام في سرير المصالح.

لم تكن زلة لسان، بل صفارة إنذار ،ولم تكن تعبيرًا شعبويًا، بل خُلاصة من يمثل أمة كاملة تتألم، تُقصف، وتُغتال في وضح النهار.

فالسودان لا يسأل… بل يُحذّر ورسالة السودان عبر البرهان كانت واضحة:لسنا في موضع استجداء…
ولسنا دولة منهارة تبحث عن تبرعات…

نحن دولة تعرضت لخيانة داخلية وعدوان ميليشياوي، وصمت خارجي لم يكن محايدًا.

“الدول النائمة” أصبحت شريكة في الجريمة، بصمتها، بانتقائيتها، ببيروقراطيتها الباردة.

السودان الآن يعيش واحدة من أكثر الحروب دمارًا في تاريخه الحديث، لكنه – رغم ذلك – يقدّم للعالم خطابًا متماسكًا، مسؤولًا، ينادي بإصلاح حقيقي للنظام المالي العالمي.

يريد عدالة في التمويل، لا إحسانا، يريد تمثيلًا حقيقيًا في مراكز القرار، لا عبارات تضامن فارغة ،يريد نظامًا دوليًا لا يُصمم في واشنطن فقط، بل يعكس صرخات الجنوب العالمي.

فهل تستيقظ “الدول النائمة”؟

في خطاب البرهان كانت النبرة حازمة، اللغة عميقة، والرسالة مزدوجة:رسالة للداخل: نحن لا نُهزم، نفاوض ونواجه ونبني.
ورسالة للخارج: لن تمر هذه الحرب كما مرّت غيرها… السودان سيسجل من وقف معه ومن تفرّج عليه.

وأقول ختاماً: الكلمة التي قالها البرهان “الدول النائمة” ليست ذلة لسان ، بل كلمة ذكية ورسالة قوية فهو تحدث باسم الملايين الذين لم يعد لديهم مستشفى، ولا مدرسة، ولا رغيف خبز.
تحدث باسم الأم التي دفنت طفلها بيديها، وباسم الطالب الذي لم يكمل امتحاناته، وباسم الطبيب الذي فرّ هاربًا من رصاصة في غرفة العمليات.

قالها بلسان السودان: “نحن هنا… نستحق أن نُسمع، لا أن نُنسى.”

#من_اجل_صناعة_مجد_السودان
تحياتي
د/أشرف الطاهر الريس
رئيس الجهاز الشعبي لنهضة السودان

ليصلك كل جديد انضم لقروب الواتس آب

Leave a Response

اثنا عشر − 3 =