
في تحقيق مثير نشره موقع لو ديبلومات الفرنسي، كشف الكاتب الإيطالي جوزيبي غاليانو بالأرقام حجم التمويل الذي قدّمه الاتحاد الأوروبي لمليشيا الدعم السريع بين عامي 2014 و2021، والذي تجاوز 400 مليون يورو (432 مليون دولار)، تحت شعار “وقف الهجرة غير النظامية”.
غاليانو أوضح أن هذه الأموال ساهمت في بناء آلة قمعية خلّفت أكثر من 25 ألف قتيل وملايين اللاجئين، إضافة إلى مجاعة تصفها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ منذ مجاعة إثيوبيا في ثمانينيات القرن الماضي. ورغم التحذيرات المتكررة من منظمات حقوقية دولية، وُاصل التمويل عبر “الصندوق الائتماني للاتحاد الأوروبي من أجل أفريقيا” وبرامج أخرى، بهدف منع المهاجرين من الوصول إلى البحر المتوسط.
وأشار الكاتب إلى أن مليشيا الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، أصبحت الشريك المفضل لبروكسل في “ضبط الحدود” بدارفور وكردفان، حيث تلقت المليشيات سيارات “تويوتا بيك آب”، وأجهزة لاسلكي، وزياً عسكرياً، وتدريباً على “إدارة الهجرة”، بل وحتى أنظمة بيومترية لتحديد هوية المهاجرين.
لكن هذه القوات نفسها، كما يذكّر غاليانو، ارتكبت مجازر وعمليات اغتصاب واسعة في دارفور منذ عامي 2003/2004. وفي عام 2017، أصدرت منظمة أميركية تقريراً بعنوان “ضبط الحدود من الجحيم”، وصفت فيه الدعم السريع بأنها “من بين أكثر الجماعات وحشية على هذا الكوكب”، مؤكدة أن منحها أموالاً ومعدات أوروبية “ضرب من الجنون”.
ورغم تعليق بعض المشاريع لفترة وجيزة، استأنف الاتحاد الأوروبي دعمه، مكتفياً بتبرير شكلي بأن “مليشيا الدعم السريع لا تتلقى مباشرة أموالاً أوروبية”. لكن الواقع، بحسب الكاتب، أن أوروبا تموّل باسم “إدارة الهجرة” القوى ذاتها التي تدفع السودانيين إلى النزوح واللجوء، فيما يبقى الثمن دماءً وجوعاً وتشريدًا يدفعه الشعب السوداني.