التقارير

“الفاقة” في المغرب تحول اولياء الأمور لشركاء في جريمة ضد بناتهم

808views

حذر خبراء مغاربة من تفاقم أزمة “تزويج القاصرات”، والتي وصفوها بأنها أزمة تؤرق المجتمع المغربي في ظل الأعباء التي تواجه شرائح عريضة من المملكة، حسب وصفهم.
وبحسب الخبراء، فإن أزمة تزويج القاصرات عن طريق ما يعرف بـ “زواج العقد”، يمثل أزمة كبيرة خاصة أنه يتم تزويج الفتيات بالأثرياء الأجانب، عن طريق عقد عرفي، أو زواج الفاتحة، ومن ثم يفسخ العقد مقابل المبالغ المالية المتفق عليها.
وبحسب التقارير، فإنه في كثير من الحالات يتم تزويجهن بواسطة عقود مبرمة بين رجال يعيشون في الغالب خارج المغرب، وأولياء الفتيات القاصرات، مقابل الحصول على مبالغ مالية مما يعرض الفتيات للاستغلال الجنسي، في إطار شبكات للدعارة والعمل القسري.
من ناحيته قال عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن استغلال القاصرات ليس بالجديد، إلا أن الجديد هو ارتفاع عددهن، وتهافت شبكات السمسرة لجلبهن نحو الدول الغنية.
أضاف الخبير المغربي ، أنه رغم دخول قانون الإتجار بالبشر حيز التنفيذ، إلا أنه لم يفلح في الحد من الظاهرة، وأنه تصاعد خلال السنتين الأخيرتين.
الإتجار بالقاصرات في المغرب
ويرى الخضري أنه “لم تعد هناك أماكن محددة في المغرب للإتجار بالقاصرات، وأن وسائل التواصل الاجتماعي، وظروف القهر والتهميش والفاقة لا تستثني اليوم منطقة دون أخرى، خاصة مع ظاهرة الهجرة القروية نحو هوامش الحواضر، مما يدفع بالفتيات في سن 15 فما فوق، إلى البحث عن فرص للخروج من هذه الوضعية المزرية”.
ويشير الخضري إلى أن هذه الأسباب تجعلهن فريسة سهلة لشبكات الإتجار بالبشر، والتي تنشط على المستوى الدولي، ولديها خيوطها المتسترة بمجموعة من الدول، كالمغرب وأغلب الدول الفقيرة حسب قوله، بما في ذلك الدول التي تشهد رف توترا أمنيا، من أجل تسهيل عملية تسفيرهن، إما عن طريق عقود عمل وهمية، أو عبر الهجرة السرية.

حول دور الحكومة المغربية في مواجهة الظاهرة يقول الخضيري: “الحكومة المغربية في تقديري تحاول تطبيق القانون بخصوص الحد من استغلال القاصرات في الزواج أو في الاستغلال الجنسي، أو الإتجار بالبشر، لكن من الناحية العملية، الظاهرة تعرف نموا مطردا، وجحافل الفتيات، الباحثات عن فرص حياة أفضل في ازدياد، في ظل انسداد الأفق”.
يتابع الخضري أن زواج القاصرات محليا من التقاليد الاجتماعية، وأنها تحتاج إلى تعبئة شاملة، بما يمكن من توفير التعليم والحماية القانونية للفتيات القاصرات، خاصة في العالم القروي.
ويشدد بقوله: “عموما نحن أمام ظواهر مؤلمة، لا تعدو أن تكون إحدى تجليات ومفرزات الفساد الذي ينخر الأمة”.

جريمة وعواقب وخيمة

فيما تقول فتيحة شتاتو رئيسة شبكة رابطة انجاد ضد عنف النوع بالمغرب، إن الأزمة تؤرق المجتمع المغربي خاصة في المناطق القروية.
وأضافت، أن زواج القاصرات يعد جريمة، خاصة أن الفتيات مكانهن في هذا السن هو المدرسة لا تحمل المسؤولية بهذه الطريقة.
وأضافت أن الأسباب الاجتماعية والفقر كلها تدفع الأهالي إلى تزويج الفتيات عن طريق “العقد العرفي”، وهو يكون لفترة محددة ومن ثم يفسخ العقد، ويتسبب في أزمات متعددة على المستوى الاجتماعي والقانوني.

أرقام وإحصائيات

بحسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمغرب، فإن أرقام وزارة العدل المغربية تشير إلى تسجيل 32.104 طلبات تزويج طفلات سنة 2018، وحصول 80 % من طلبات الزواج على الترخيص من طرف القضاة خلال الفترة ما بين 2011 و2018، في حين أكد المركز أن الأعداد غير معروفة بشكل دقيق.
واعتبر المجلس أن هذا النوع من الزواج، يعرض الفتيات للاستغلال الجنسي، في إطار شبكات للدعارة والعمل القسري
بحسب الأرقام الرسمية، فإن ظاهرة تزويج الأطفال تنتشر في عموم المغرب، وتعد النسبة الأكبر جهة مراكش بنسبة 19.5 في المائة، تليها في المرتبة الثانية جهة الدار البيضاء سطات، بنسبة 17.2 في المئة، بينما تسجل أدنى النسب في المناطق الجنوبية، حيث لا تتعدى 0.4 في المائة بجهة لداخلة وادي الذهب، و0.5 في المائة بجهة كلميم واد نون، و0.7 في المائة بجهة العيون الساقية الحمراء، حسب هسبريس.

وحسب تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط “حكومية”، خلال سنة 2018، فإن 1.7 بالمئة من النساء المغربيات المتزوجات، لم تتجاوز أعمارهن 15 سنة. وبلغ عدد الطلبات المتعلقة بالإذن بزواج القاصرات، التي وصلت وزارة العدل المغربية العام الماضي، 32 ألفا و104 آلاف طلب، مقابل 30 ألفا و312 طلبا خلال عام 2016، حسب صحيفة “العرب”.

في مارس 2018، أكدت جمعية “حقوق وعدالة” أن المغرب تتم به حوالي 30 ألف حالة زواج من طفلات قاصرات سنويا.

وقالت الجمعية المغربية إن عام 2007 شهد 30 ألف حالة زواج، وارتفع الرقم إلى 35 ألفا في 2013.

وتقدر نسبة زواج الفتيات الأقل من 15 سنة في المغرب بحوالي 3 % من عدد الزيجات السنوية.

وأوضحت الجمعية ضمن دراسة عن “الإصلاح القانوني للمساواة بين الرجل والمرأة في المغرب” أن نسبة الزواج من قاصرات ترتفع إلى 16 % لمن يقل سنهن عن 18 عاما.
وحسب الدراسة فأكثر الفتيات القاصرات زواجا هن العاطلات عن العمل، وذلك دون تفرقة بين ساكني القرى أو المدن.

وأشارت جمعية حقوق وعدالة إلى أن استكمال الدراسة يساهم في تغير النظرة للقاصر المتزوجة، حيث تزيد نسبة النساء اللاتي يرحبن برفع سن الزواج إلى 18 عاما كلما كان مستوى دراستهن مرتفعا.

أطفال الشوارع وعلاقتهم بزواج القاصرات

في العام 2017 نشر المركز المغربي لحقوق الإنسان إحصائيات ذات صلة بظاهرة أطفال الشوارع في المملكة، بمناسبة اليوم العالمي لأطفال الشوارع، الذي يصادف 12 أبريل/ من كل سنة.

واعتبر المركز أن الظاهرة تزداد بشكل مهول، إذ يشهد المغرب شهريا ولادة أكثر من 3000 طفل مجهولي الأب، يعدّ نصفهم مشروع أطفال شوارع، بينما “تشهد العديد من الأسر ظواهر تفكك عديدة، يمكن تقدير معدلها بأسرة واحدة جديدة من عشرة أسر في السنة، يذهب ضحيتها بالدرجة الأولى الأبناء، ما يتسبب في القذف بهم نحو الشوارع، بلا معيل، وأحيانا بلا مأوى”.

وذكرت الدراسة أن تفاقمَ وازدياد ظاهرة أطفال الشوارع بالمغرب إلى الوضع الاقتصادي لغالبية الأسر المغربية، وكذا “ضعف الوازع الأخلاقي والديني وروح المسؤولية لدى بعض أرباب الأسر، وتنصل الدولة المغربية من مسؤوليتها في هذا الاتجاه”.

نكاح الفاتحة

“نكاح الفاتحة”، هو عبارة عن اتفاق بين الزوج وأسرة الزوجة، على تزويجها له بدون أوراق رسمية، ويستوفي الجانب الشرعي بالإشهار، وقراءة سورة الفاتحة أمام أهل العروسين وجيرانهم، ويتم ذلك في الريف والمناطق الجبلية المليئة بالقرى في المغرب.

ليصلك كل جديد انضم لقروب الواتس آب

Leave a Response

ستة عشر + 2 =