إنّ الحديث عن الراهن الآن أشبه بالحديث عن تفاصيل مريض السرطان، لن تفيده المحادثات ولا النقاشات بل يجب الصبر حتي يبلغ الموت الذي ينتظره، هكذا أصبح حال السودان، لن يحدث اي أصلاح ؛ لأن الأصلاح يبدأ من البنية الأجتماعية ودورها في بناء المجتمع بكافة الأشكال، وبنية السودان الاجتماعية مفككة الآن من كل النواحي، الأخلاقية و التربوية والدينية والثقافية ، التجرد من مجموعة كبيرة من القيم وتحولها لمجرد واجهات يعبر عن السقوط الأجتماعي في أبهى صوره. وهي مخلفات اللادولة. بهذا الوضع تصبح الحياة ما هي إلاّ فوضي وصراعات عبثية .
لم يحدث تغيير فعلى؛ بل ما حدث هو مجرد إزاحة للعناصر المؤثرة في رأس السلطة والإبقاء علي هيكل النظام (حكومة الظل) الذي مازالت آثاره تهدد الأمن العام والوضع الأقتصادي، والسياسي …..الخ، وحكومة الظل هي القوة الرأسمالية الضاربة، وتتخلل تلك القوة أعتى الشركات وتجارة العملة والذهب والسوق الاسود، وتملك السيطرة التامة علي عصب الأقتصاد ،علماً بأن النظام البائد عمد الي تأسيس هذه القوة المتحررة لتكون بديلاً للمؤسسات العامة التي تخدم الشعب وحولها لمؤسسات تستفز الشعب وتحوله إلي حالة العبودية المقنَّعة واشاعة الإنتهازية المفرطة. إنها سياسة استعمارية جديدة ، السيطرة علي موارد الشعب وتجويعه وارهاقه للحصول علي أبسط مقومات الحياة كالخبز مثلا…..؛ إنّها سياسيات عسكرية تعمد علي شلَّ المجتمع فكرياً وثقافياً واجتماعياً وإقتصادياً حتّي يسهل التحكم فيه بطرق غير مباشرة، كصناعة الأزمات والأحداث المفبركة والأشاعات المصممة بدقة لضليل الشعب حتي يصبح مطواعا رهن الاشارة.
لن يحدث تغيير، لأنّ النظام تناسل سلباً في المجتمع محدثاً اضرار جاثمة مازالت اثآرها حتي الآن تشكل عائقاً في طريق التغيير، إذاً كيف نتصنَّع الوهم بالتغيير والواقع يبرهن أن الأمور اسوأ مما يظن المرء، ، النظام موجود وبجيشه وكتائبه السرية، والثورة ماتت عندما سقط ابطالها بأيادي الغدر والخيانة ، جاءت الأحزاب الكرتونية تتسلق طريق الثورة، وترقص بكل وقاحة فوق دماء الشرفاء الذين سطروا التاريخ حقيقةً لا أكاذيب ومثلوا الوطنية شرف لا خيانة، نعم هكذا تمت تصفيتهم لأنهم اختاروا الدفاع وليس الانكسار امام الباطل.
وبهذا القدر والوضع الذي تمر به البلاد هنالك قوة رأسمالية جديدة وقوة المسلحة لها(قوات الدعم السريع) هذه القوة أشبه بالحرس الثوري الايراني، قوة تمثل الحماية والسيطرة الأقتصادية لكل المؤسسات الحساسة كتجارة العملة والذهب والنفط …….الخ، لم تسقط! لأنّه لم يتم تصفية النظام اقتصادياً وسياسياً بل ما يجري الآن عملية استنساخ جديدة للنظام السابق، سقط النظام رمزياً مع تغيير مسميات الجهاز الذي كان درعاً للنظام، وجاء نظام جديد بدرع جديد(الدعم السريع )وهي عملية إحتلال جديدة للوطن تجعل من الشعب ضحية لتلك الجرموثة الرأسمالية ذات طابع العسكري الشمولي، وتظل هذه الجرموثة مهدداً وخللاً للحياة بصورة مرعبة، ماذا يملك الشعب غير الصبر؟ كل المؤسسات والشركات تمتلكهــا تلك المنظومات – الدعم السريع، الجيش – والأمن – الشرطة.. كيف تكون هنالك قوة اقتصادية وهذه المعادلة تجعل من الخزينة عبارة صندوق يتغذي من دماء الشعب، ستظل الازمات متتالية اذا لم يتم تصفية الفاسدين وفرض قوة قانونية علويا تطال كل من سؤلت له نفس بالجرم، ولكن يبقي السؤال مازالت جذور الأزمة موجودة، والنظام السابق مازال يتنفس حريته ؛لأنه موجود في الدعم السريع والشرطة والامن والجيش والشركات الخاصة التي اعتمد عليها في احتكار الحركة الاقتصادية والسيطرة ، الدعم السريع اصبح الآن القوة الراسمالية التي تشل الاقتصاد وهذه القوات لها نفوذ اقتصادي وسياسي خطير، هذه القوات لها ابعاد خارجية، إنّ الذين صنعوا تلك القوة هم الذين ازاحوا البشير وضحوا به، ليؤهموا الشعب بأنه حدث تغيير، وما حدث بعد الثورة مجرد ازالة الاشواق التي ارهقت الشعب، لتخلوا الساحة للحكام الجُدد، وأما الشق المدني الذي تآه في مفاصل الدولة العميقة ،الدولة التي اصبحت كجثة، لم يفهموا شيئاً، ولن يستعطوا تغيير إلاّ بدلهم وتعدد الصور والقرارات التي لا تخرج من حيز القاعات، الآن السيطرة لعصبة الحكم الجديد وهي تعمل علي تصفية الثورة وتقسيم الشعب بعدما توحد ضد الفرعون واعوانه في ملحمة الثورة العظيمة، الثورة التي يجري استنزافها الآن لتصبح الساحة قابلة للحكم الجديد، الحكم الشمولي ذو القوة الرأسمالية…..
————————————————————–
كورونا فايروس مسئولية شخصية
اغسل يديك بالماء والصابون لمدة لا تقل عن عشرين ثانية