برز إسم الدكتور نور الدين ساتي، بقوة في المشهد السوداني كأقوى المرشحين ليكون أول سفير للسودان بالولايات المتحدة بعد ثلاثة عقود، في أعقاب إعلان الإدارة الأمريكية ديسمبر الماضي، عزمها رفع تمثيلها الدبلوماسي مع الخرطوم.
وصدقت التوقعات بعدما أعلنت وزارة الخارجية في الخرطوم، الإثنين، موافقة الإدارة الأمريكية على ترشيح نور الدين ساتي، ليكون سفيرا ومفوضا لحكومة السودان بواشنطن، لتبدأ التساؤلات، عمن هو رجل مهمة إعادة الحياة للعلاقات بين الخرطوم ووشنطن.
والدكتور نور الدين ساتي (70 عاما)، دبلوماسي وأكاديمي مخضرم، ومثقف ومفكر وأديب، يجيد اللغة الفرنسية، وتدرج في السلك الدبلوماسي حتى تقاعد عن الخدمة، وعاد مجددا لمهمة كسر طوق العزلة الأمريكية عن بلاده.
وتعد الخطوة الأمريكية الخاصة باعتماد “ساتي” سفيرا للسودان، الأولى من نوعها منذ 24 عاما، بعدما ظل التمثيل الدبلوماسي بين واشنطن والخرطوم على مستوى “قائم بالأعمال” نتيجة قطيعة البلدين الناجمة عن ممارسات نظام الإخوان البائد.
ومن المقرر أن تعين واشنطن سفيرا لها في الخرطوم لأول مرة منذ العام 1996م، إذ أغلقت سفارتها بالسودان، وسحبت سفيرها بعد تمادي حكومة الإخوان بقيادة المعزول عمر البشير في الأعمال الإرهابية، وتورطها في محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس المصري الراحل حسني مبارك، في أديس أبابا.
مسيرة دبلوماسية ناجحة
ويقول وزير الخارجية السوداني الأسبق، إبراهيم أيوب طه لـ”العين الإخبارية”: إن الدكتور نور الدين ساتي كان من الكوادر المتميزة في وزارة الخارجية، وتمكن من تحقيق اختراق في كثير من المهام التي أوكلت إليه، لا سيما ملف العلاقة مع تشاد التي كان سفيرا بها.
وتوقع أيوب نجاحات مماثلة لساتي في ملف عودة العلاقات مع واشنطن، لما يمتاز به من خبرات علمية وعملية متراكمة، ستكون سندا له في هذه المهمة الجديدة.
وبحسب مقربون منه، فإن ساتي يمزج بين الدبلوماسية والثقافة والأدب، ولديه خبرات متراكمة في حل النزاعات، وألف العديد من الكتب، لعل أبرزها “عجز القادرين: تأملات في الحالة السودانية”، كما لم يعرف عنه أي انتماء سياسي.
وفي الأصل، كان الدكتور نور الدين ساتي أكاديميا يعمل أستاذا بجامعة الخرطوم كلية الآداب، يدرس اللغة الفرنسية، والتحق بوزارة الخارجية عندما احتاجت لكوادر شابة تتقن اللغة الفرنسية، وفق الوزير الأسبق أيوب طه.
وبحسب المصدر نفسه، فقد تدرج ساتي في السلك الدبلوماسي، من درجة السكرتير الثاني إلى درجة السفير، وبعث إلى عدد من البعثات الدبلوماسية السودانية في الخارج.
محطات دبلوماسية
تنقل ساتي في مسيرته الدبلوماسية بين مختلف بلدان العالم خدمة لبلاده، حيث عمل سفيرا للسودان ببروكسل، وأنجمينا وباريس، ثم مستشارا للشؤون السياسية بالقصر الرئاسي لبعض الوقت.
وقال الوزير الأسبق إبراهيم أيوب طه لـ”العين الإخبارية”: إن ساتي وضع علاقات السودان بدولة تشاد في مسارها الصحيح، كما لعب دورا بارزا في تنمية العلاقات الفرنسية السودانية التي شهدت في فترة عمل بباريس تطورات مهمة وضعت السودان في أولويات الدول الأولى بالرعاية الفرنسية.
ونبه إلى أن كثيرا من الفرنسيين يعتقدون أن السفير ساتي أفضل من يتحدث بالفرنسية من الأجانب. وهو يملك علاقات وصداقات واسعة، حيث يعد عالم الأنثربولوجي الفرنسي بروفسير رتشارد لوبان أحد أصدقائه.
وبعد تقاعده من خدمة حكومة السودان التحق بمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو) حيث وضع في أجندتها الاهتمام بالسلام الوطني وحل النزاعات ونشر ثقافة السلم المجتمعي.
وفي فترة عمله مع اليونسكو عمل ممثلا لها في كينيا وإثيوبيا مباشرا بثقافة السلام. بعدها انتقل إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة بنيويورك والتحق بإدارة حفظ السلام بها، وبعث إلى بروندي للسعي إلى حفظ السلام وفض النزاع ونشر ثقافة السلام فيها.
وكان السفير “ساتي” عضوا بمركز ودورة ويلسون بواشنطن ومركز الحوار الإنساني بجنيف ومنظمة إدارة الأزمات بهلسنكي.
مهمة شاقة.
ويرى السفير السابق بوزارة الخارجية، الطريفي أحمد كرمنو أن ساتي في مهمة صعبة، ونجاحه رهين مسارعة واشنطن بتسمية سفير لها في السودان، وفق وعدها الذي أطلقته في ديسمبر الماضي.
وقال كرمنو لـ”العين الإخبارية” إن رفع التمثيل الدبلوماسي بين الخرطوم وواشنطن خطوة مهمة في طريق تطبيع العلاقات الثنائية، لأن “السفير” سيكون ممثلا للحكومة في بلاده بصلاحيات واسعة، بخلاف “القائم بالأعمال” الذي يحمل مهام وصلاحيات محدودة.
وتقع على ساتي مهمة رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب التي أدرج فيها منذ العام 1993م.
الانتباهة