الاخبار

الاحتجاجات الشعبية بالولايات.. هل يدفع حمدوك ثمن مركزية الوثيقة؟

225views

حادثتا (سنار) في مواجهة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، و (المجلد) ضد والي غرب كردفان (حماد عبد الرحمن صالح)، وحوادث أخرى مماثلة، اعادت إلى الأذهان حقيقة علاقة حكومة حمدوك بالولايات وأطرافها البعيدة، وهنا تقفز مقولة قالها (حمدوك) في وقت سابق: (إن قوى الحرية والتغيير في ما خلصت إليه من مفاوضاتها مع المجلس العسكري، انتجت وثيقة دستورية غلبت عليها عقلية المركز وغابت عنها قضايا الولايات)، وفيما يبدو أن هذا الأمر أصبح واقعاً الآن يواجه حكومة الفترة الانتقالية، فطيلة شهور السنة التي مضت كان تركيز الحكومة وحاضنتها السياسية في المركز، وان كان ذلك مبرراً بالنسبة للمكون المدني وحاضنته السياسية (قوى الحرية والتغيير)، من واقع ان الذي يدير الولايات هو المكون العسكري، الذي وجد هو الآخر ممانعة من قبل قوى الحرية واذرعها المتمثلة في لجان المقاومة، الا ان التفاصيل ستختلف كثيراً في ظل الحكم المدني (الولاة المدنيين)، وستخطلت خيوط السياسية مستقبلاً، وربما هي الزيارة الثانية لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك التي يواجه فيها احتجاجات شعبية من بعض المواطنين ضده، كانت الأولى عندما زار كسلا في شهر مارس الماضي.
وحينها استقبلته جماهير الولاية باحتجاجات واغلاق الشوارع المتاريس كان مضمونها المطالبة باقالة الوالي العسكري وقتها، والسخط كذلك على الاوضاع المعيشية التي كانت ضاغطة وتمثلت في نقص الوقود والخبز، ومع أن الصورة العامة لتلك الاحتجاجات أظهرت وجود تباينات وخلافات في وجهات النظر بين مكونات قوى الحرية بالولاية، لكن يبدو ان الواقع يدفع في اتجاه استمرار هذا المسلسل حتى في ظل تعيين الولاة المدنيين، وهو ما جسدته حادثة الاحتجاجات التي وجدها حمدوك خلال زيارته إلى ولاية سنار في اطار تفقده احوال الولاية التي تأثرت بالفيضانات والسيول .
فالذي حدث خالف التوقعات باعتبار أن الزيارة هي الأولى التي يقوم بها حمدوك إلى الولايات بعد قرار تعيين الولاة المدنيين، وكان من المفترض أن تجد أرضية مناسبة لاستقباله وليس هتافات السخط والاحتجاج مثلما حدث في سنار، حيث اعترض بعض المواطنين موكبه ومنعوا سيارته من العبور، وردد بعضهم هتافات مؤيدة للعسكر ومناهضة لحكومته المدنية، ومع ان الذين هتفوا ضد الرجل ربما قلة وان مقصد الزيارة هي الوقوف على الاوضاع ومواساة المتضررين في المحنة التي المت بهم، إلا أن مجرد خروج اصوات مغايرة في ظل واقع مرير في الولايات يعمم في اتجاه الرفض العام.
ويقول ياسر عباس محلل سياسي من ولاية سنار لـ (الإنتباهة) إن الاحتجاجات ضد حمدوك تفهم في سياق أن المركز تأخر كثيراً على قضايا الولاية التي تعاني في اطرافها، وان المواطن هناك تسرب اليه احساس عميق بأن الأوضاع لم تتغير بعد الثورة وانما زادت سوءاً، واضاف عباس قائلاً: (هذا كان صادماً لكل شخص وضع آمالاً عراضاً على الثورة وعلى حمدوك بصورة خاصة، سيما البسطاء من الناس الذين لا يفهمون كثيراً في حسابات الاقتصاد الدقيقة ونظرياته، وانما همهم ان تتيسر احوالهم وترفع المعاناة عن كاهلهم)، واشار إلى ان تركيز حكومة حمدوك خلال شهور حكمها على المركز افقدها خاصية التواصل مع الولايات.
ومع ان الكثير من الولاة المدنيين الذين عينوا نجحوا في التواصل مع المجتمعات وبذلوا جهوداً مقدرة في الوقوف على قضايا ومشكلات المواطنين هناك، ولكن بعضهم مازال يبحث عن طريق للبعور الى هموم الناس، وما حدث لوالي غرب كردفان كما اسلفنا واحد من ضمن المؤشرات المتوقعة مستقبلاً.
ويقول فتح الرحمن صالح مواطن من غرب كردفان، إن قضية مواجهة الوالي في المجلد عادية الا ان التعامل معها منحها طابعاً مختلفاً، وينوه فتح الرحمن في حديث لـ (الإنتباهة) بأن المواطنين هناك أصبحوا حانقين جداً على حكومة الولاية منذ الوالي السابق وحتى الآن، لكونهم يعتقدون ان لديهم قضايا عاجلة في حاجة الى معالجة، وظلوا تحت الاعتصام لما يزيد عن الشهرين تقريباً .
وأضاف قائلاً: (رفعوا سبعة مطالب وضعوها امام الوالي الذي تعهد لهم بحل واحد يتعلق بالكهرباء، وقال لهم ان باقي المطالب تحل مركزيا وهو ما اثار غضبهم) .
ونوه فتح الرحمن بأن الوالي محق في اجابته، لجهة ان هناك قضايا تتعلق بالطرق وغيرها تحتاج إلى دعم المركز، ولكن كان ينبغي له ان يمنحهم اجابات تجعلهم أكثر ثقة.
والمتابع يجد أن تداعيات كثيرة في هذا الإطار حدثت حتى في الخرطوم، ويمكنه ان يصل إلى نتيجة مفادها ان الذي يجري تقف خلفه الصراعات السياسية التي بعضها داخلي بين مكونات قوى الحرية والآخر بين مكونات الحكومة (العسكر والمدنيين)، فالاحتجاجات التي تواجه المسؤولين ليست كلها ضد المدنيين فبعضها ضد العساكر. فخلال زيارته التي نفذها بصورة مفاجئة الاسبوع الماضي إلى المتضررين في الخرطوم جراء السيول والفيضانات واجه رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان هتافات مناهضة له من بعض المواطنين الذين هتفوا (مدنية مدنية) .
وبذات القدر هناك من هتف (عسكرية عسكرية)، ولكن في الإطار العام فإن البعض ينظر إلى هذه الحوداث من باب حرية التعبير وحق المواطن في ايصال صوته إلى المسؤول بغض النظر عن الطريقة التي يتم بها ذلك.
وهنا يشير المحلل السياسي وائل جعفر إلى انه في ظل الحكم المدني ومكاسب الثورة، فإن المواطن من حقه ان يقول رأيه صراحةً في وجه اي مسؤول ولا ينبغي ان ينظر إلى ذلك من باب الرفض او القبول، وأضاف قائلاً: (هذه ليست مشكلة في المجتمعات الديمقراطية، لأن المسؤول مهمته تفقد الناس والاستماع الى شكواهم والبحث عن حلول لها).

الانتباهة

ليصلك كل جديد انضم لقروب الواتس آب

Leave a Response

خمسة × أربعة =