على نحو مفاجئ، اشتعلت الخلافات مجدداً بين وزارة الشباب والرياضة، واتحاد كرة القدم، وذلك على خلفية البلاغ المفتوح ضد الأخير لدى نيابة الفساد بشأن مخالفة إجراءات الشراء في إحدى صفقات السيارات التي جرت خلال الفترة الماضية.
وكانت نيابة الفساد ألقت القبض أمس الأول على عدد من قيادات اتحاد الكرة أبرزهم نائب الرئيس للشؤون المالية نصر الدين حميدتي، إلى جانب الأمين العام حسن أبوجبل، بالإضافة إلى المدير المالي للاتحاد، وموظفين آخرين.
وشرعت النيابة في إجراءات التحقيق مع الشخصيات المذكورة آنفاً في البلاغ مثار الجدل، ورفضت الإفراج عنهم بالضمانة قبل أن تعود وتفرج عنهم في وقت متأخر من مساء أمس الأول.
وسارعت وزارة الشباب والرياضة لإصدار بيان أكدت من خلاله سعيها لمحاربة الفساد في جميع المؤسسات الرياضية وأشارت إلى أنها ظلت تتابع حيثيات البلاغ مثار الجدل المفتوح ضد بعض قيادات اتحاد الكرة لافتة إلى أن القبض على بعض قيادات الاتحاد يأتي في إطار التحقيق معهم في ملابسات البلاغ مثار الجدل.
وفجر البيان الصادر من وزارة الشباب والرياضة، أزمة مجدداً بين الوزيرة ولاء البوشي، وقيادات الاتحاد وعلى رأسهم رئيس الاتحاد كمال شداد الذي وبحسب مقربين إليه ابدى انزعاجا بالغا من الخطوة التي جرت امس الأول والمتعلقة بحبس بعض قيادات الاتحاد في بلاغ وصفه بيان رسمي صادر من الاتحاد بـ (الكيدي).
الاتحاد يلجأ لحمدوك
وبالمقابل أصدر أتحاد الكرة بياناً صباح أمس (الثلاثاء) أكد من خلاله رفضه للنهج الذي سلكته وزارة الشباب والرياضة في المسارعة بإصدار بيان يتناول اتهام بشبهات فساد في الاتحاد في الوقت الذي لم يبارح البلاغ مثار الاتهام طور الإجراء ولم يتم اكتمال إجراءات التحري.
ووصف اتحاد الكرة بيان الوزارة بأنه يؤثر على سير العدالة ويعمل على تأليب الرأي العام.
وكشف اتحاد الكرة عن شروعه في تقديم طلب عاجل إلى النائب العام برفع الحصانة عن وزيرة الشباب والرياضة، توطئة لمقاضاتها على التصرفات التي تقوم بها وأبرزها إصدار بيان وتوجيه اتهامات إلى اتحاد الكرة دون انتظار اكتمال التحري في القضية مثار الاتهام.
وبحسب البيان الصادر من اتحاد الكرة فإنه سيتم كذلك اللجوء إلى رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك وتقديم مذكرة وافية ضد وزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي، تحوي كل التجاوزات التي حدثت من قبلها تجاه الاتحاد طيلة الفترة الأخيرة.
وأزاح مصدر مقرب من رئيس اتحاد الكرة كمال شداد النقاب عن غضب الأخير المتجدد من وزيرة الشباب والرياضة حيث يرى أنها تتدخل في بعض الأشياء التي لا تعنيها مستدلاً بما حدث في واقعة بطولة الدوري الممتاز بالإضافة إلى بعض الملفات الأخرى ذات الصلة.
وسابقاً وجه رئيس اتحاد الكرة شداد، انتقادات لاذعة للوزيرة البوشي، مؤكداً انه لا يعرف عملاً لها بخلاف الاستغناء عن بعض الموظفين بوزارتها إلى جانب نقل مقر الوزارة إلى مكان جديد.
الوكيل يدخل على خط الصراع
وبحسب مقربين من الوزيرة البوشي، فإن الأخيرة نفت خلال وقت سابق استهداف اتحاد الكرة أو أي هيئة رياضية بيد أن المقربين منها يرون بأن النهج السائد في الوزارة والمسيرة التصحيحية التي بدأتها في عدد من الهيئات الرياضية تسبب في خلافات مبطنة بينها وبين قيادات هذه الاتحادات ومنها اتحاد الكرة الذي ترى مصادر مقربة من الوزيرة بأنه واحدة من بؤر الفساد وبه عناصر تنتمي إلى النظام السابق.
وحسب معلومات مؤكدة تشير إلى ان الصراع بين الوزارة واتحاد الكرة، لا تقوده الوزيرة البوشي وحسب وإنما يلعب فيه الوكيل ايمن سيد سليم دوراً كبيراً للغاية حيث وبحسب مصادر مقربة من الاخير فان الوكيل لديه الكثير من التحفظات على ما يجري باتحاد الكرة، كما كان من المتشددين ابان الازمة الماضية الخاصة ببطولة الدوري الممتاز، ولعب دورا كبيرا في إيقاف البطولة بسبب جائحة كورونا وهو ما فجر الخلاف بينه وبعض قيادات الاتحاد، ويواجه الوكيل سيد سليم بانتقادات من بعض قيادات اتحاد الكرة التي ترى بأنه مقرب لبعض الشخصيات التي تعارض الاتحاد الحالي.
حميدتي يوضح ويتحدى
نائب الرئيس للشؤون المالية باتحاد الكرة، نصر الدين حميدتي، المتهم في القضية مثار الجدل، والذي تم إلقاء القبض والافراج عنه اصدر بيانا أوضح من خلاله بأنه تربى على القيم النبيلة والفاضلة وأنه تبوأ عدد من المواقع طيلة مشواره السياسي لافتاً إلى أنه تفرغ للكسب الحلال عبر الزراعة والتجارة كما أكد تفرغه للعمل باتحاد الكرة بعد ان دفع باستقالة خلال وقت سابق من الوزارة.
وكشف رئيس لجنة التسويق والتلفزة باتحاد الكرة، النقاب عن بعض الحيثيات الخاصة بالقضية مثار الاتهام مؤكداً بأنهم يعملون في اللجنة المالية وفق للنظام الأساسي الذي حدد السلطات وقطع حميدتي بانه لا علاقة له مطلقاً بالدورة المالية مباشرة كما في السابق.
واضاف بان سلطة التصديق على المبالغ المالية تخص الأمين العام لاتحاد الكرة وفقا للنظام الأساسي المجاز والمعمول به.
ولفت حميدتي النظر إلى أنه تولى رئاسة لجنة شراء السيارات بقرار من مجلس الإدارة وتضم اللجنة في عضويتها ثمانية آخرين.
ونوه حميدتي ان صفقة الشراء مثار الجدل نفذت بالدولار مقراً بأن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لا يمانع مثل هذه الإجراءات حيث ان شروطه واضحة وهي ان أي صفقات بأقل من مبلغ 50 ألف دولار تتم بالطريقة العادية، بينما صفقات الشراء بأكثر من 50 ألف دولار تتطلب وجود فواتير، بينما الصفقات من 300 الف دولار واكثر لا تنفذ الا بعطاء ويعلن في وسائل الاعلام.
وأشار حميدتي الى ان المبلغ مثار الاتهام هو ١٠٠ الف دولار وهو في الأصل يخص بعثة الاتحاد إبان إقامة ديربي الهلال والمريخ بابوظبي، لافتا إلى أنه وبعد التشاور تم الاتفاق على تحويل هذا المبلغ لشراء سيارات للاجهزة الفنية بالاتحاد وهذا ما حدث في نهاية المطاف.
وقطع رئيس لجنة التسويق والتلفزة بالاتحاد ان النيابة طلبت التحري معه الى جانب الامين العام والمدير المالي والمدير الاداري وكان ذلك قبل سنة بالتحديد، كما انه لم يتم فتح بلاغ حسب قوله لاننا قدمنا الادلة الدامغة على صحة ما قمنا به، إلا ان الصحف لم تتوقف وظلت تكتب فيما جرى، كما ان الوزيرة استندت على ذلك وحركت الملف مرة أخرى، وعلى هذا الأساس تم اخطارنا بالاستدعاء والحضور.
وانتقد حميدتي خطوة الوزيرة البوشي بإصدار بيان للرأي العام، وقال إن الوزيرة كتبت في صفحتها دون حتى انتظار اكتمال إجراءات التحري، وتحدثت عن وجود فساد في الاتحاد مما يؤثر ذلك على سير العدالة.
وحيا حميدتي في ختام حديثه النيابة والشرطة على التفاني في الإجراءات التي قاموا بها مشيرا الى ان وكيل أول النيابة راجع كل المستندات وامر باطلاق سراحنا بالضمانة.
وقال نائب رئيس الاتحاد، ان القضاء هو الفيصل بيننا وبين كل من اساء الينا، وقطع بأن البداية ستكون بالبيان الصادر من الوزارة او الوزيرة حسب قوله ، قاطعا بأنه سيتم عرض كتاب الأداء المالي الخاص بالاتحاد والذي تمت إجازته من المراجع العام.
السوداني