
مستقبل غامض ذلك الذي ينتظر تحالف قوى الحرية والتغيير، عقب تواتر الخلافات بين مكوناته المدنية والعسكرية، خاصة عقب توقيع اتفاق السلام بجوبا، فقيادات الثورية ما فتئت تتحدث عن حاضنة بديلة للحكومة، فضلاً عن تواتر انسلاخ بعض مكوناته، كحزب الامة القومي الذي اعلن تجميده في التحالف، وتالياً الحزب الشيوعي السوداني الذي اعلن خروجه اخيراً، بجانب حزب البعث القومي.
وكشف المتحدث باسم الحزب الشيوعي آمال الزين وفقاً للزميلة (الجريدة) تفاصيل التحالف الجديد الذي سيشكله الحزب، وقالت: (إن اصطفافنا القادم سيكون مع قوى الشباب والثورة ولجان المقاومة والطلاب)، مؤكدة أنهم جبهة عريضة يمكن أن تقود الثورة.
وتوقعت الزين أن تخرج أحزاب من (قحت) وتحذو حذو الشيوعي لجهة أن مستقبل قوى الحرية التغيير تم تجييره لصالح الهبوط الناعم وعساكر المجلس السيادي والرأسمالية الطفيلية وبقايا النظام البائد، واردفت قائلة: (قوى الحرية والتغيير قبرت ولم يعد هنالك تحالف سياسي اسمه إعلان قوى الحرية والتغيير). وفي حوار اجريته معه اخيراً توقع عضو المكتب السياسي للشيوعي علي سعيد،
انضمام حركتي عبد العزيز الحلو وعبد الواحد نور للتحالف المنتظر.
يذكر ان الشيوعي اعلن اخيراً وعلى نحو مفاجئ، قراره بالانسحاب من قوى الإجماع الوطني وقوى الحرية والتغيير، والعمل مع ما سماها قوى الثورة والتغيير المُرتبطة بقضايا الجماهير وأهداف وبرامج الثورة.
ونقلاً عن الزميلة (السوداني الدولية) فإن حزب البعث السوداني بقيادة يحيى الحسين اعلن في بيان صادر عنه انسحابه من تحالف نداء السودان ومن قوى الإجماع الوطني ومن تحالف قوى الحرية والتغيير، وتواترت تصريحات قيادات الجبهة الثورية التي تتحدث عن حاضنة سياسية بديلة للحكومة، ومن ذلك تصريح ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية جناح مالك عقار عقب اجتماع بين الثورية وقوى الحرية والتغيير المدنية الذي قال فيه ان الاجتماع ناقش قضايا استراتيجية حول كيفية اعادة تشكيل قوى الحرية والتغيير، بالانفتاح التام على لجان المقاومة وأسر الشهداء والشباب والنساء والنازحين واللاجئين وكافة مكونات الثورة والتغيير.
وقال رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم في برنامج تلفزيوني: (قلة اختطفت قرار الثورة، حجمها الشعبي معروف والجزء الغالب منهم لن يدخل البرلمان بالانتخاب). واضاف قائلاً: (إن الطمع والمحاصصات في السلطة أدت إلى خلافات كبيرة في قوى الحرية والتغيير، ونحتاج الآن لإعادة ترتيب قوى الحرية والتغيير من جديد حتى نوفر للحكومة حاضنة سياسية تكون عاقلة وممثلة لكل القوى السياسية فى البلاد، وليست محتكرة ومجيرة لصالح أحزاب معروفة.(
المحلل السياسي محمد التيجاني في توقعاته لمستقبل قوى الحرية والتغيير لفت إلى أن الهدف الرئيس لتحالف قوى الحرية والتغيير هو إسقاط النظام السابق، وعقب ذلك كان من المفترض إعادة ترتيب التحالف من جديد، بحيث تكون له رؤية لقيادة الدولة، وأن تتوفر له قيادة ثابتة ومعروفة، وبمجرد سقوط النظام وانخراط التحالف في التفاوض مع المجلس العسكري لم تكن له رؤية موحدة بشأن التفاوض، ويضيف التيجاني في حديثه لـ (الإنتباهة) أن جزءاً من التحالف وعلى رأسه الحزب الشيوعي كان ضد التفاوض مع المجلس العسكري، وتمثل موقفهم في الضغط للحصول على السلطة كاملة، بينما يرى الجزء الآخر بقيادة الامة القومي ان توازن القوى يحتم عليهم التفاوض مع المجلس العسكري، وإجمالاً لم يكن التحالف متماسكاً، ولم تكن لديه قيادة موحدة، وليس له رؤية واضحة لإدارة الدولة بعد سقوط الرئيس الاسبق عمر البشير، فالتحالف يضم مكوناً عروبياً وحركات مسلحة ويساراً شيوعياً، بجانب مكونات طائفية، وكل مجموعة لها تصورها الخاص لقيادة الدولة بعد البشير.
ويشير التيجاني إلى ان الوقائع بعد استلام قوى الحرية والتغير للسلطة تفيد بأنه لا فرق بينها وبين ونظام البشير في التعامل مع قضايا السلام والمشكلة الاقتصادية وفي الحريات وتطبيق العدالة والقانون.
وعقب التوقيع على اتفاقية السلام في جوبا كان لا بد من تغيير، ذلك ان الاتفاقية صنعت إضافة كبيرة لهياكل الحكم ونمطه والدستور وهيكلة المنظومة الامنية. وذكر التجاني ان ذلك التغيير يتقاطع مع جزء من مكونات قوى الحرية والتغيير. ومن هذا السياق تفهم كل تصريحات قيادات الجبهة الثورية مثل عرمان وجبريل ومناوي الذين تحدثوا عن ضرورة تكوين حاضنة سياسية جديدة للحكومة، لأن لديهم تصوراً للدولة ولا بد من تنفيذه، اما الحرية والتغيير وعلى رأسها الحزب الشيوعي فقد كانوا اكثر شططاً في التعامل مع ملف السلام، فالامة القومى والشيوعي والبعثيون والناصريون والاتحاديون لديهم موقف سلبي من اتفاقية السلام، لذلك لن يستطيعوا مواجهة الواقع الجديد الذي ستمر به قوى الحرية والتغيير بعد السلام، لذلك سينسحبون من قوى الحرية والتغيير وسيشكلون تحالفاً جديداً، لكن لن يقوى هذا التحالف على صنع شيء، اما الجبهة الثورية فهي تطرح مشروع حاضنة جديدة للحكومة قوامها الحرية والتغيير والثورية والمكون العسكري ولجان المقاومة والحركات التي لم توقع على اتفاقية السلام، وذلك لإنفاذ برنامج الثورة وتحقيق الانتقال الجديد، فتصور الثورية واضح ومتماسك وجاد كما انه قابل للتنفيذ، اما القوى المدنية للحرية والتغيير فتصورها ملتبس وتناقضاتها كثيرة وليست لديها رؤية للانتقال السياسي.
وتوقع التيجاني ان يشكل اليسار حاضنة سياسية جديدة تكون جزءاً من الحكومة بشروط سياسية جديدة ولن يتقدم اكثر من ذلك، اما الجبهة الثورية فستشكل جسماً عريض بالتعاون مع المكون العسكري ولجان المقاومة والادارة الاهلية، ونوه بأن الأمة القومي بالرغم من انه اقرب للجبهة الثورية والمكون العسكري، إلا انه لن يستطيع الاستمرار معهم، وسيضطر للجوء لتحالف القوى المدنية الذي سيكون الاعرض، إلا ان فاعليته السياسية ستكون ضعيفة نظراً لإشكالات الحرية والتغيير التي لم تحل كغياب الرؤية وضعف القيادة، بجانب عدم احتمال الآخر والديمقراطية.
الانتباهة