وجد إتفاق السلام الذي تم توقيعه في خواتيم الاسبوع الماضي بين الحكومة والحركة الشعبية شمال مجموعة مالك عقار ترحيبا لم يوصف بالواسع بحسب مراقبين بل إن البعض ورغم الجهود الكبيرة التي تبذل في سبيل التوصل الى إتفاق سلام مستدام ينهي حالة الحرب ويعزز مكتسبات ثورة ديسمبر المجيدة بتحقيق قيمة السلام قلل من الإتفاق الإطاري ووصفه بالكسب السياسي مبررا ماذهب اليه بأن فصيل مالك عقار لا وجود له على الأرض و لا يستند الى ثقل عسكري أو مدني فضلا عن أنه لا يمثل قطاعا عريضا من أهالي المنطقتين فيما إستند البعض الى أنه كان يجب أن يكون إتفاقا نهائيا بحسبان الوقت المتبقي من الفترة المحددة لإنجاز ملف السلام وبحسبان الوضع الإقتصادي المزري الذي تعيشه البلاد والذي من المؤمل أن يسهم توقيع إتفاق سلام نهائي في تحسنه بجانب الوضع في الإعتبار رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب . في ذات الوقت فإن الكثير من المراقبين عظمو من قيمة الإتفاق ورأوو فيه خطوة كبيرة نحو السلام الشامل المستدام إستنادا الى جملة من المعطيات التي جاءت في متن الوثيقة التي تم التوقيع عليها والتي يرون أهمية التبصير بمحتوياتها ويعتبرون أن الثقل التأريخي والعلاقات الخارجية والداخلية التي يتميز بها فصيل مالك عقار وياسر عرمان تجعل من الإتفاق الذي تم التوقيع عليه خطوة كبيرة ومهمة ويمكن أن يكون أساسا للتباحث والتفاوض مع بقية الفصائل إذ إن بعض الحركات تتمترس حول بعض المواقف السياسية التي لم تجد قبولا وسط قطاعات واسعة بالمجتمع السوداني والسياسي . المحلل السياسي الأستاذ محي الدين محمد محي الدين بدا متفائلا بأن الإتفاق الإطاري الذي وقعته الحكومة مع فصيل مالك عقار يمكن أن يخط معالم الإنتقال الى مرحلة السلام الشامل وقرأ بالوثيقة الموقعة جملة من المؤشرات الإيجابية , يقول محي الدين إن الوثيقة أكدت على وحدة السودان وهي نقطة جوهرية ومحورية وتشير الى أن الحركة الشعبية شمال فصيل مالك عقار تجاوزت الأطروحات السابقة الخاصة بالحركة الشعبية والمتصلة بما تم في إتفاقية نيفاشا بشأن جنوب السودان كما أكدت على تأسيس وهيكلة القوات المسلحة في جيش نظامي مهني متعدد يعبر عن كل مكونات المجتمع السوداني . إن الإتفاق الإطاري مع الحركة الشعبية فصيل مالك عقار بحسب مراقبين يمكن ان يكون أنموذجا لأن الحركة كما يتبن من خلال الوثيقة الموقعة قد تجاوزت أطروحاتها السابقة فيما يتصل بالحكم الذاتي أو تقرير المصير للمنطقتين وتجاوزت إتفاقية نيفاشا التي كانت تتحدث عن المشورة الشعبية مايعده مراقبون تطورا إيجابيا كبير . إن إمتلاك مجموعة عقار عرمان القدرة على المناورة السياسية وعلى جذب قطاعات واسعة من الذين كانو يعملون مع الحركة الشعبية خلال الفترات الماضية من الكوادر المنتشرة في ولايات السودان المختلفة أمرا يرى فيه المحلل السياسي محي الدين محمد محي الدين مؤشرا إيجابيا لا يتوفر لفصيل عبد العزيز الحلو الذي كما يقول محي الدين تظل خبراته عسكرية ومايزال في مواقف متشددة تشبه مواقف الحركة الشعبية قبل إتفاقية نيفاشا دون النظر الى التداعيات التي حدثت بعدها . بقراءة متأنية في وثيقة الإتفاق الإطاري نجد أن الإتفاق قد حوى العديد من النقاط ذات الأهمية الكبيرة فقد حسم القضايا القومية التي تتعلق بشكل الحكم خلال مرحلة مابعد الإنتقال ليتم النظر اليها والتباحث حولها في المؤتمر الدستوري وهذه كما يرى الخبير محي الدين نقطة متقدمة جدا تشير الى أن هذا الفصيل يتعامل بقدر من الواقعية السياسية مع معطيات العملية التفاوضية إذ إن إحدى العقبات التي أعاقات التقدم في التفاوض مع مسار مجموعة عبد العزيز الحلو هو رهنها للتفاوض بطرح قضايا شائكة غير متفق عليها مثل قضية علاقة الدين بالدولة والنص على العلمانية والتلويح بأنهم حال عدم القبول بهذا الأمر سيتجهون الى المطالبة بالحكم الذاتي وتقريرالمصير لمنطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق . إن من اهم النقاط التي يمكن أن تعظم من قيمة إتفاق الحكومة مع الحركة الشعبية شمال فصيل عقارهي النقاط المتعلقة بإعطاء تمييز إيجابي لمنطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق بسبب ظروف الحرب التي أثرت على الواقع التنموي والإقتصادي خلال العقود الماضية . عموما في مجمل عملية التفاوض التي تجري الآن بالعاصمة الجنوب سودانية نجد أن هنالك خلافات ربما تبدو هنا وهناك حول تمثيل من يفاوضون سواء فصيل مالك عقار أو حركة كوش المفاوضة باسم الشمال أو كيان الشمال أو فصائل شرق السودان وحركات دارفور المسلحة فقد ترتفع أصوات بأنها غير مفوضة وأنها لاتمثل كل الإقليم , حول هذه النقطة يجيب المحلل السياسي محي الدين محمد محي الدين بأنه يمكن تجاوز هذا الأمر من خلال الموضوعات المطروحة بأن يتم تطوير النقاط التي يتم الإتفاق عليها مع الحكومة من خلال المؤتمر الدستوري . ويبقى أن تحقيق السلام بأي قدر سيكون دفعة إيجابية تخدم عملية التحول وتحقيق الإستقرار في ربوع السودان المختلفة .