بقلم : إبراهيم عربي لقد أربكت مطالب الحلو ب(علمانية الدولة أو حق تقرير المصير) حسابات الجميع ، هدد بشأنها رئيس وفد الحكومة الإنتقالية الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) بالإنسحاب من طاولة المفاوضات ، فيما تباينت مواقف الآخرين بين الرفض والقبول إن كانت مواقف تفاوضية أم مطالب حقيقية ، وقد وقف رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك بكاودا شاهدا علي نموذج لدولة الحلو العلمانية الديمقراطية الموحدة ، وفي إعتقادي أن مطالب الرجل مشروعة ويمكن التفاوض حولها ، ولذلك نطرح مقترحا وسطا في ظل هذه الظروف والملابسات المرحلية لماذا لا يصبح الحلو رئيسا للسودان ؟! . المتابع يجد ان مبادرة (الميرغني – قرنق) في العام 1988 جاءت في وقت كانت الحركة الشعبية فيه في قمة قوتها وعنفوانها وكانت تؤسس لأن يصبح الدكتور جون قرنق رئيسا للسودان غير أن الإنقاذ أطاحت بها ، ولكن أصبح الإتفاق نواة لتحالفات مقبلة بين الإتحادي الديمقراطي والحركة الشعبية لتحرير السودان فجاء إعلان نيروبي 1993 وتوقيع الإعلان المشترك بين الحزبين 1994، ومن ثم مقررات مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 1995وكذلك إعلان القاهرة 2005 وأيضا إعلان القاهرة 2019 . غير أن جوبا إحتضنت في الإسبوع الجاري لقاءات بين وفد الحزب الإتحادي الأصل بقيادة جعفر الميرغني ووفد الحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو ، تجديدا لذات التحالفات السابقة وتم التوقيع بحضور دولة جنوب السودان ولجنة الوساطة ومنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والأوروبي ودول الترويكا وبعض من الدول العربية والافريقية ، وقد قلب الإتفاق الموازين واربك الحسابات ، حيث أمن الطرفان علي الالتزام الثابت بالوحدة الطوعية المؤسسة على الديمقراطية والتعدد الديني والعرقي والثقافي، مع إلغاء كافة القوانين بما فيها الوثيقة الدستورية والعمل بقوانين 1974(إشتراكية مايو) حتى يتم التوافق على الدستور الدائم للبلاد ، وقد أتفق الطرفان علي تضمين بنود اتفاقيات السلام التي يتم التوصل إليها مع الحكومة الانتقالية في الدستور الدائم المتوقع ، كما أتفق الطرفان على أهمية إنفاذ مشروعات تنمية عادلة تقود لإزالة الغبن ورفع الظلم والتهميش وتحقيق التمييز الإيجابي . في إعتقادي أن إتفاق جوبا هذا جاء بمستجدات يمكن التفاوض حولها للخروج بالبلاد إلي بر الأمان ، وقد جاء ينص بأن الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل يتفهم دوافع حق تقرير المصير عبر (إستفتاء شعبي) ، ويراعي حق الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال المطالبة ب(العلمانية وتقرير المصير) ، علي أن يلتزم الحزب الأتحادي بالعمل والتواصل مع الأطراف السودانية كافة سعيا لوقف الحرب ودرء الفتنة الدينية وذلك حتى لا تكون هذه القضايا سببا وعائقا دون الوصول الي اتفاق سياسي يوقف الحرب في السودان ، في تقديري أن إتفاق (الميرغني – الحلو) الموقع بجوبا عبارة عن تحالف إنتخابي يمكن التفاوض حوله ، فما دام كذلك لماذا لا يصبح الحلو رئيسا للسودان ؟!. بلا شك عندي أن كمرد عبد العزيز آدم الحلو مؤهل ويستحق حكم السودان عن جدارة ، فالرجل خريج كلية الإقتصاد في جامعة الخرطوم وقد بدأ حياته العملية إداري ناجح بالهيئة القومية للكهرباء في الخرطوم ، وقد إنضم باكرا لتنظيم كمولو (تنظيم سري لجبال النوبة) ومن أوائل الذين إنضموا للحركة الشعبية لتحرير السودان من حبال النوبة وقد سبقه إليها كل من يوسف كوة مكي وعوض الكريم كوكو ويونس ابو صدر ويوسف كرة وتلفون كوكو ودانيال كودي في العام 1984 . بل برز الحلو في العمل الميداني والتنظيمي للحركة برئاسة جون قرنق عقب تخرجه من كلية الدراسات العسكرية بأديس ابابا برتبة نقيب حتي لقبوه ب(رجل المهمات الصعبة) ، كما قاد الرجل الحركة الشعبية – شمال وذراعها العسكري الجيش الشعبي في ظروف عصيبة عقب إنفصال دولة جنوب السودان 2009 ، كما أظهر الحلو قدرا من المسؤولية والشراكة في الحكم نائبا لمولانا أحمد هارون واليا لجنوب كردفان ، حقق خلالها الرجلان شراكة وثنائية صادقة أصبحت مضربا للمثل بالولاية (لا يذكر هارون وإلا ذكر الحلو والعكس صحيح) فانداحت مشروعات التنمية والخدمات جنوب كردفان لم تشهدها من قبل ، غير أن نتيجة إنتخابات منصب الوالي قلبت التوافق والثنائية إلي عداء وحرب لازالت مستمرة (9) سنوات ولكن أعتقد لو إستخدم الحلو الحكمة قليلا لجنب الولاية والبلاد خطر الإنزلاق ولأصبح واليا لجنوب كردفان في الانتخابات المقبلة وربما رئيسا منتخبا للبلاد . وليس ذلك فحسب بل قاد الحلو الحركة الشعبية – شمال والجيش الشعبي – شمال عقب إندلاع الحرب بالمنطقتين 2011 بحنكة وإقتدار وهو رجل إستخبارات قوي ومتمرس ، تماما كما أدار أزمة المفاصلة أيضا بحنكة وإقتدار وقد دخل الحلو في كثير من التحالفات فأصبح قائدا ومفوضا من قبل أهالي المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) بالحركة الشعبية – شمال كما تمددت التحالفات لتشمل مؤتمر البجا التصحيحي (زينب كباشي) و(تنظيم كوش) بقيادة الدكتور محمد جلال هاشم) وآخرين وتم تتويجها بتجديد كافة التحالفات مع الإتحادي الديمقراطي الاصل ، وبما أن الإتفاق جاء في إطار الوحدة وأقر ممارسة (حق تقرير المصير) عبر (استفتاء شعبي) ، إذا لماذا لا يصبح الحلو رئيسا للسودان ؟! .