تقرير- عوضية سليمان
وسط حالة من التفاؤل شهدت جوبا، أمس الأربعاء، جلسات افتتاحية للمفاوضات بين حكومة السودان والحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز العزيز الحلو. فيما كان أبرز الغائبين عنها نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو الذي راهن على عملية السلام بعد الثورة وجعله من أولوياته إلى أن وصف بمهندس السلام.
وكان دقلو قد التقى عبد العزيز الحلو في دولة جنوب السودان في مصالحة داخل مكتب رئيس الوساطة توت قلواك وكان من المتوقع أن يترأس الجلسة الافتتاحية التي انطلقت أمس بمدينة جوبا بين الحركة الشعبية شمال وحكومة السودان بحضور رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت وحكومته ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك وحكومته وقيادات وخبراء وسفراء كانوا حضوراً للجلسة التي تعد أولى الجلسات “الإجرائية”، بعد إعلان المبادئ بين الحكومة الانتقالية والحلو.
قبل الجلسة:
في صبيحة يوم أمس الأربعاء أقلعت طائرة رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان إلى مدينة جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان برفقة عضو مجلس السيادة الدكتور صديق تاور. وتأتي زيارة البرهان لجوبا، لحضور افتتاح التفاوض مع حركة الحلو. ودخل البرهان فور وصوله في اجتماع مغلق مع الرئيس سلفاكير لمناقشة مسيرة استكمال السلام الشامل. وخاطب البرهان الجلسة الافتتاحية بجانب د. عبد الله حمدوك رئيس الوزراء، وترأس الوفد الحكومي التفاوضي الفريق أول ركن شمس الدين كباشي ومحمد حسن التعايشي.
سلام شامل:
وتأتي جلسات أمس لاستكمال عملية السلام والوصول إلى سلام شامل ودائم بالبلاد. وأكد رئيس الوساطة الجنوبية توت قلواك اكتمال الترتيبات كافة لافتتاح جلسة الحوار الرسمية ببن حكومة السودان والحركة الشعبية شمال والتي سيشرفها رئيس دولة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت ورئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء والخبراء. وأوضح قلواك أن هذه الجلسة ستعقبها اجتماعات مغلقة لمناقشة كل القضايا المتعلقة بالسلام ومن المقرر أن يترأس الفريق الكباشي وفد الحكومة لجولة التفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو والتي انطلقت أمس تحت رعاية دولة جنوب السودان.
لقاء التسامح:
وفي لقاء مشترك بالقصر الرئاسي في جوبا عقد رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ورئيس جمهورية جنوب السودان الفريق أول سلفاكير ميارديت لقاء مشتركا بالقصر ويأتي اللقاء عقب وصول البرهان لجوبا من أجل المشاركة في الجلسة الافتتاحية التفاوضية بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال جناح عبد العزيز الحلو.
وفد التفاوض:
عقب وصوله إلى مدينة جوبا، أعلن وزير شؤون مجلس الوزراء المهندس خالد يوسف “سلك” تشريف رئيس الجنوب الفريق أول سلفاكير ميارديت ورئيسي مجلسي السيادة والوزراء البرهان، ود. عبد الله حمدوك انطلاق جولة التفاوض بين الطرفين. موضحاً ان جلسات التفاوض الرسمية قد انطلقت وأن هيكلة جديدة لفريق التفاوض الحكومي سيعلن عنها بعد الجلسات. وأعلن أن الحكومة جاءت للتفاوض بقلوب وعقول مفتوحة لاستكمال مسيرة السلام الذي بدأ باتفاق جوبا لسلام السودان والاختراق الكبير الذي تم بتوقيع اعلان المبادئ بين الطرفين. موكداً عزم الحكومة على استكمال عملية السلام.. وأضاف حتى لا تبقى طلقة واحدة ولا مظلمة واحدة في أي من أرجاء السودان تقود لاندلاع الحرب وهذا وعد ثورة ديسمبر المجيدة للشعب السوداني.
وفي ذات السياق التأم لقاء ودي بين حمدوك والحلو في جوبا قبل بدء مفاوضات الجلسة الافتتاحية حيث سجل الحلو زيارة لرئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك في مقر اقامته بفندق بيراميد بجوبا وتبادل الطرفان خلال اللقاء التأكيد على أهمية الجولة الحالية لمفاوضات السلام وضرورة الدخول فيها برغبة قوية وإرادة حقيقية لتحقيق السلام.
أولى الجلسات
وانطلقت أولى جلسات التفاوض المباشر بين الطرفين فيما كشفت الشعبية عن استكمال الاستعدادات كافة داخل الحركة فيما يتعلق بالمفاوضات واعلنت الحركة الشعبية وصول قياداتها المفاوضة إلى جوبا عقب نهاية جولة وصفها بالناجحة بمناطق سيطرتهم في النيل الأزرق وجبال النوبة وقالت الحركة إنهم مصممون على التوصل لاتفاق سلام حقيقي يخاطب جذور الأزمة، فيما ذكرت أن الجولة التي انطلقت بجوبا تختلف عن سابقها في ظل رغبة الحكومة والائتلاف الحاكم والتوصل لاتفاق سلام شامل ينهي أزمة جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وفي ذات السياق قال العميد دكتور الطاهر أبو هاجة مستشار رئيس مجلس السيادة إن هذه المفاوضات ترتكز على قاعدة صلبة وهي اعلان المبادئ الذي وقع في مارس الماضي ذلك الإعلان الذي يرسم طريقاً سليماً لاستكمال عملية السلام وعلاج لمشكلات تاريخية ظلت محل خلاف وصراع فكانت عقبة وقفت عائقاً لعقود طويلة.
سلفا يدعو عبد الواحد:
وقال رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت إنه يثق في القائد عبد العزيز الحلو والذي وصفه بأنه من المحاربين والجنود الشجعان ويتطلب منه أن يركز على كيفية تحقيق السلام باتخاذ القرارات الصعبة التي تنهي معاناة المواطنين ودعا سلفا الأطراف غير الموقعة على السلام إلى الانضمام لاتفاق السلام كما دعا المفاوضين إلى التفكير في معاناة الناس في مناطق النزوح واللجوء. وأعرب سلفا خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية عن حرصه على الوصول إلى اتفاق سلام دائم، وأضاف قائلًا لا بد ان نعمل سوياً في البلدين من أجل التنمية والسلام، مشيراً إلى أن الحرب لم تحقق شيئاً وقال رغم ذهاب الجنوب إلا ان هدفهم كان بناء السودان الجديد مطالباً أطراف التفاوض تبني روح الحوار وتوجيهه نحو السلام بدلاً عن الحرب لافتاً إلى أن سلام جوبا ينبغي أن يكون سلاماً شاملاً مشددًا على ضرورة انضمام عبد الواحد محمد نور إلى المفاوضات من أجل انهاء الحرب وأن يلحق بالتفاوض قريباً.
التزام البرهان:
والتزم الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة بأن الحكومة سوف تنفذ ما يتم الاتفاق عليه في مفاوضات جوبا، وقال “قلبنا مفتوح ومصممين على أن ننجز سلام السودان” الذي بدأناه في الاتفاقيات السابقة. وقال البرهان في مخاطبته الجلسة الإجرائية لمفاوضات السلام بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال: سنظل نتحاور حتى نصل إلى اتفاق مُرضٍ يحقق تطلعات وأماني الشعب السوداني، وسنؤسس لسودان يتمتع فيه الجميع بالحقوق والواجبات، سودان واحد لا يفرق على أساس الدين أو اللون. وأشاد البرهان بالقائد عبد العزيز الحلو الذي انحاز لنداء السلام، مثمناً جهود الثوار ونضالهم من أجل أن يحيا السودان وشعبه وقال إن الباب الذي فتح لتحقيق السلام سيظل مفتوحاً لكل من يسعى لتحقيق السلام في السودان. وأعرب البرهان عن شكره وتقديره لحكومة جنوب السودان وللرئيس سلفاكير على استضافة سلام السودان، ولشركاء السودان وأصدقائه، ودعا المجتمع الدولي لمساعدة السودان وجنوب السودان لمعالجة آثار الحرب الطويلة، وقال إن البلدين سيقفان مع بعضهما لتحقيق السلام. كما دعا البرهان عبد الواحد محمد نور إلى اللحاق بركب التغيير، والمشاركة والتعاون فى بناء السودان، مؤكداً أن التغيير الذي قاده السودانيون هو تغيير حقيقي، مشدداً على ضرورة العمل بقلب رجل واحد لاستكمال وانجاح مسيرة السلام وبناء مستقبل للأجيال القادمة.
حمدوك الثورة و”السلام”:
وقال رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية للمفاوضات إن لقاء اليوم يمثل حوارا بين أبناء الوطن الواحد وهي رسالة للعالم بأن السودانيين قادرون على حل قضاياهم بعد إنجاز ثورة عظيمة. وأضاف حمدوك “نقف اليوم أمام محطة مهمة لمسار السلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال”، وأوضح بأن الهدف الأساسي للحوار هو استقرار ورفاه الشعب السوداني خصوصاً في المناطق المتأثرة بالحرب. وقال حمدوك “البحث عن السلام ظل أولوية لنا والوصول إليه واجب” وأن هذا أحد مطالب الثورة، “نحن نتحدث من موقع جاء بالدماء والبذل والعطاء اللامحدود ولا بد من جعل تطلعات أصحاب الحق واقعاً معاشا وهم أصحاب الحق في جيوب المقاومة، في معسكرات النزوح واللجوء، وطرقات المدن، البادية والريف، شهداء المجازر الجماعية والمفقودين، ومن قتلوا داخل القطاطي المحروقة والمتفجرة على الرؤوس ضحايا الاستبداد ودعاة الفتنة وتجار الحروب، ضحايا النزاعات والعنف في دارفور، كردفان، النيل الازرق، الشرق والوسط والشمال”.
وجدد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الدعوة لرئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد أحمد النور للانضمام للسلام، وأكد على الاستعداد لوضع كل القضايا على طاولة الحوار ليكون حواراً سودانياً سودانياً من أجل مصلحة الشعب السوداني.
الصيحة