المقالات

تغيير العملة في السودان في هذا التوقيت.. هل من مكاسب ترجي؟

5views

 

 

 

تغيير العملة في السودان في هذا التوقيت.. هل من مكاسب ترجي؟

بقلم: عوض أبكر اسماعيل

الشاهد اننا اذاما تتبعنا محطات تاريخ تغيير العملة الوطنية في السودان منذ استقلال السودان في عام ١٩٥٦م إلى يومنا هذا، لوجدنا انه لم يحظ بعناية فائقة ولا برعاية بالغة كما هو الحال في هذه المرة والتي تتراءي أي الرعاية في تضاعيف القرار الذي اتخذه السيد/ رئيس مجلس السيادة /الفريق أول عبد الفتاح البرهان يوم الأربعاء الموافق ٢٧ نوفمبر عام ٢٠٢٤م والذي قضى بتشكيل لجنة عليا للإشراف على عملية تغيير العملة برئاسة السيد /عضو مجلس السيادة /الفريق ركن بحري/إبراهيم جابر والتي ضمت في عضويتها طيف من الأجهزة الرقابية والقانونية والأمنية المختلفة ، نذكر بعض منها على سبيل المثال لا الحصر: بنك السودان المركزي ووزارة المالية والاقتصاد الوطني والنائب العام ومدير جهاز الأمن والمخابرات العامة ووزير الإعلام ومدير عام الشرطة وخلافه، فضلا عن إنشاء نيابة ومحكمة خاصة بقضايا استبدال العملة.. علما بأن كل هذه الترتيبات الفنية واللوجستية المتعلقة بتغيير العملة كان يقوم بها في السابق بنك السودان المركزي لوحده بالتنسيق مع مديري عموم البنوك و الأجهزة الامنية. ومما يجدر ذكره هو ان هذا الاهتمام البالغ من قبل الدولة لم ينبع من فراغ وانما نبع نظرا للمنعطف الخطير الذي تمر به الدولة السودانية بسبب الحرب.. فضلا عن الهجمة الكبيرة التي تعرضت لها العملة الوطنية في بداية هذه الحرب اللعينة من قبل متمردي الدعم السريع ومرتزقتهم سواء أكان ذلك من خلال السطو عليها من خزائن البنوك والمحال التجارية أو نهبها من منازل المواطنين بالإضافة إلى
الأهمية القصوى التي تلعبها قوة العملة الوطنية ضمن عوامل اخري في استقرار الاقتصاد.. علاوة على ارتباطها الوثيق اي العملة بسيادة الدولة .. ولكن ربما يقول بعض الناس ما الفائدة من تغيير العملة في هذا التوقيت بعدما جرت مياه كثيرة تحت الجسر أو بمعنى آخر بعدما تمكن النهابة والسراق من غسل الأموال المنهوبة وتبييضها بالداخل أو الخارج.. وذلك من خلال إعادة ضخها في الجهاز المصرفي مرة أخرى عبر وسائل الدفع الإلكتروني الحديثة أو شراء الدولار اوالمعادن النفيسة والأصول الثابتة وخلافها.. ولكن بالرغم من صحة ما أشاروا إليه إلا أن المثل العربي يقول :(ما لم يدرك كله لا يترك جله) هذا جانب، اما الجانب الآخر الذي لايمكن أن ينكره احد هو أن حجم الدمار والخراب الذي الحقته الحرب
بمؤسسات الخدمة المدنية بالدولة عموما و بالجهاز المصرفي على وجه الخصوص لم يسبق له مثيل منذ تاريخ نشوء الدولة السودانية، الأمر الذي أصاب كل أجهزة الدولة بالشلل شبه التام وعدم القدرة على الحراك في الفترة السابقة من تاريخ اندلاع الحرب، الشئ الذي حال دون أن يقدم الجهاز المصرفي ممثلا في بنك السودان المركزي على تغيير العملة في ذاك الوقت في ظل اشتداد اوار الحرب بين الجيش السوداني و متمردي الدعم السريع بالعاصمة السودانية الخرطوم التي يقع فيها مقر البنك المركزي .
ولكن فوق كل هذا وذاك فإن عملية استبدال العملة بالرغم مما أثير حولها من غبار كثيف إلا أنها ومما لاشك فيه ستحقق عدة مكاسب تتمثل في حماية العملة الوطنية والاقتصاد الوطني تتجلى في الاتي:
أولا : يقول بعض الخبراء المصرفيين أن ما يساوي نسبة أكثر ٩٥٪ من الكتلة النقدية أصبحت تتداول خارج الجهاز المصرفي قبل الحرب ، الشئ الذي يؤدي حتما إلى ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد مما يؤدي إلى ارتفاع المستوى العام لأسعار السلع والخدمات.. لذا إن عملية إعادة ضخها إلى دورة الجهاز المصرفي من خلال عملية التبديل سيساعد في كبح جماح معدلات التضخم ولو بمستويات أدنى وبالتالي قد تؤثر إيجابا ولو في نطاق محدود على المستوي العام للأسعار.
ثانيا: أن التحكم على الكتلة النقدية في حد ذاتها سيمكن بنك السودان المركزي من إعمال آلياته في إدارة الاقتصاد من خلال عمليات السوق المفتوح .. وذلك عبر التحكم في عملية زيادة عرض النقود في السوق أو خفضه.
ثالثا : أن عمليات استبدال العملة عينها ستمكن الدولة كذلك من كشف هويات من تبقى بأيديهم الأموال المنهوبة من المصارف ومن كافة أفراد الشعب السوداني وإلا ستبور (تموت ) في أيديهم في حالة لاحجام عن الأقدام على الاستبدال وتصبح غير مبرئة للذمة.. و سيتحقق ذلك من خلال الضوابط والآليات التي ستتبعها المصارف في عمليات الاستبدال ممثلة في تطبيق إجراءات منشور مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والآليات المصاحبة له مثل اعرف عميلك (KYC) والعناية الواجبة تجاه العملاء (CDD) وخلافها.
رابعا: ستعيد عملية استبدال العملة الثقة في العملة الوطنية من قبل الجمهور مع قفل الباب أمام أي تسرب لعملات وطنية مزورة بالخارج الي دورة الجهاز المصرفي .. وذلك لجاهزية المصارف السودانية من حيث البنيات الفنية والتقنية المتطورة
.. فضلا عن الخبرت والمهارات الثرة التي يتمتع بها موظفو المصارف السودانية َوالمامهم التام بالتقنيات الحديثة في مجال كشف التزوير والتزييف في مجال العملات والأوراق النقدية.

ليصلك كل جديد انضم لقروب الواتس آب

Leave a Response

خمسة عشر + اثنا عشر =