المقالات

دولةُ تُركيا من المؤسس عُثمان حتي الرئيس رجب طيب أردوغان

12views

دولةُ تُركيا من المؤسس عُثمان حتي الرئيس رجب طيب أردوغان

بقلم/ مُحمّد عُكاشة

تتصلُ علاقاتٌ الأتراك بالسودان مُنذُّ منتصفِ القرنْ الخامس عشر الميلادي حينَ أنشأَ العُثمانيون مُحافظةً بشرق السودان تَخِذًت مَدينةَ سواكنْ عاصمةً لها ثم امتدت العلاقاتُ تشملُ وسَطَ وجنوبَ السودان حينَ غزاهُ مَحمّد علي باشا في العام 1821 ميلادية حيثُ تركَ هؤلاء مَيسمهم نقُوشاً في ثقافاتِ السُودانيين وجداريات علي مدنهم وحضارتهم إذ ماتزالُ بعضُ المُفرداتُ ومُسميَات الأشياء تحملُ تعبيراتُ وجرسُ اللغة التركية فضلاً عن المُصاهرة التي خلَفت سودانيين أتراكَ في البلدين بل وحينَ غادرَ الأتراك السُودان عقبَ انتهاء نُفوذ مُحمد علي باشا بدفعِ الثورة المهدية اصطحبوا معهم عدداً من السُودانيين الذين كان يعملون في قُصورهم وأعمالهمِ للإقامة في المُدن التركية لتنقطعَ صِلاتهم بالسودان فأستقروا هُنالك أتراكٌ من أصولٍ سُودانية.
علاقةُ السُودان بدولة تركيا استمرت تتكافأُ بهذه الأواصر الثقافية والإجتماعية وظلت حكُوماتُ السودان المُتعاقبة تحفظُ العلاقات بمايُتيحُ قدراً من التعاونِ والتبادلات التجارية في الأُطر الدبلوماسية المُعتادة حتي مَطلع تسعينيات القرن الماضي بعد إنقلاب عمر البشير الذي نجحَ يستندُ علي حاضنة الحركة الإسلامية والتي كان قادتُها الفكريونَ يضربونَ مثلاً أنموذجَ حزب الرفاه الإجتماعي في تركيا وحينذاك ظلت وفُودُ الإسلاميين خصوصاً المُمسكين بمفاتحِ المؤسسات المالية يحطُون بمدن استانبول وأنقرة أكثرَ من مُعاودةِ أهلهيم في مَسقطِ رؤؤسهم أو في قُراهم القريبةُ من الخرطوم.
تَجلت العلاقة في أبهي صُورها بين نظام الإنقاذ الاسلاموي ودولةُ تركيا في الفترة التي أخذَ يَترقي بها السيد رجب الطيب أردوغان في هياكلِ السلطة ونُزوعه المُستمر في سياسات بلاده يُمثلُ حاضنةً للجماعات الإسلامية.
رجب الطيب أردوغان إنتقلَ بالعلاقات مع السودان بتوفير دعُوماتٍ مالية للاستثمارات التركية في السودان شملت جميع المجالات بدءاً بالنفط وتكريره وتصديره مروراً بالتنقيب عن الذهب وغيره ولقد قامت الحكومة السودانية باعطاءهِ صكاً علي بياض لإبرامِ إتفاقات إقتصادية وعسكرية ومما يجدرُ ذكرهُ هنا والإشارةُ إليه فإن في الزيارة التي قام بها أردوغان إلي الخرطوم في ديسمبر 2017 م لفتٌ لأنظارِ العالم وإثارةٌ للشكوك المُسترَيبة في دورٍ خفيّ يستترُ وراءَ الزيارة وتُزمعُ تركيا القيام به ففي التوقيع علي علي إتفاقية ترميمُ وإعادةُ مدينة سواكن التاريخية علي شواطئ البحر الأحمر استدعاءٌ لوجودٍ استخباراتي مُحتمل مما جعل قرنا استشعار دولةُ إسرائيل يَعلوان ولا يهبطان وهو ما أشار إليه الخبير الإعلامي والعسكري الإسرائيلي عاموس هرئيل في مقالته بصحيفة هآرتس قبل أشهرٍ تعليقاً علي مسعي حكومة بلاده للتطبيع مع الخرطوم بعد سقوط نظام ( الإخوان ) في السودان لمُحاصرة الوجود التُركي في منطقةِ البحر الأحمر الذي يتذّرعُ بحمايةِ وصيانةِ تاريخه وآثاره الشاخصةُ في مدينة سواكن واعتبرهُ البعضُ محضُ غطاءٍ لما يُمكن أن تقومَ به تركيا من أعمالٍ تَتهدد السلامَ والأمنَ المائي في منطقة البحر الأحمر المُطلةُ علي السعودية وأقطار الشرق الأوسط وهذا عِوضاً عن وجودها عبر إسثمارات مجموعة ( تيكا ) المنُتشرةُ بأعمالها في مُختلف مُدن السودان وهي مَظنةٌ لنقل وتنظيمِ عملياتٍ إرهابية لجماعات إسلامية غيرَ أن تركيا ماانفكت تؤكدُ علي أن علاقاتها مع السُودان تقومُ علي التعاون المُثمرُ لما فيه مصلحةُ البلدين الشقيقين.
دولة تركيا عقب سُقوط نظام عمر البشير أخذت صُورتها المُتَخيلةُ في أذهانِ المجتمع الدولي بشأن علاقاتها مع السودان تتبدلُ فحكومة حمدوك أعلنت تؤسسُ لعلاقاتٍ خارجية تدفعُ باتجاه رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب تبذّلُ جهدها لإبراءِ ساحته وتنقيحِ صَحائفه أن يكونَ مطيةُ لأدوارٍ خارجَ إطار تعزيز فُرص التعاون المُثمر بين بلدان العالم وشعوبه المُحبةُ للسلام المُناهضةٌ للعنف والإرهاب.
تركيا دولةٌ صاعدةٌ ومحورية في الشرق الأوسط وصاعدةٌ مثلُ ذلك في أقطارِ الوطن العربي من خلال أهتمامها بالدراما التلفزيونية فلقد أخذَ المسلسل التركي محط اهتمام المشاهدين العرب والسُودانييّن علي وجهِ الخُصوص غيرَ أن العمل الاضخمُ إنتاجاً ” المؤسس عثمان ” يشغلُ أذهانَ العبادِ من المحيط إلي الخليج وهو عمل يؤكدُ إعتزازُ الأتراك بتاريخهم فالدولةُ العثمانية بسطت سيطرتها علي العالم انطلاقاً من ” سناجق ” أو إماراتُ استانبول وكوتاهيا وأديرنا وأماسيا ومانيسا ولقد كان للعملِ الذي يُجسدُ تاريخ السُلطان سُليمان القانوني ” حَريم السُلطان ” أثرٌ بالغ للتعريفِ بالدولة العثمانية وتأثيرها علي الشعوب العربية.
تركيا تُجاوزُ المدي بقُوتها السياسية والاقتصادية ونفُوذّها الثقافي تُلاحقُ الخُطي الوثابة.

ليصلك كل جديد انضم لقروب الواتس آب

Leave a Response

خمسة × ثلاثة =