المقالات

صالون_الريس امبراطورية الفساد المخفية

10views

صالون_الريس
امبراطورية الفساد المخفية
د/ أشرف الريس
أعزائي القراء الكرام تحيةً واحترام وبسم الله نبدأ الكلام…
لطالما شكّلت العلاقة بين القيادة والشعب في السودان تحديًا معقدًا، حيث تعاني هذه العلاقة من فجوة تتسع يومًا بعد يوم. في قلب هذه المشكلة تقف امبراطورية فساد مخفية وغير مرئية وهي سبب هذه الجفوة بين القيادة والشعب وهو سبب الغبن الذي يتولد في نفوس الشعب وخاصة قطاع الشباب وهذه الإمبراطورية أعضاءها هم مدراء مكاتب المسؤولين، الذين تحولوا من كونهم حلقة وصل إلى جدار عازل يمنع وصول هموم المواطنين إلى صناع القرار. هؤلاء الأشخاص، الذين يفترض أن يسهلوا التواصل بين القيادة والشعب، أصبحوا في كثير من الأحيان عقبة رئيسية أمام الإصلاح، ما يهدد استقرار الدولة ويعزز الفساد والمحسوبية.
يعاني المواطن السوداني من صعوبة الوصول إلى المسؤولين، حتى في أبسط القضايا، بسبب العراقيل التي يضعها مدراء المكاتب. فبدلًا من أن يكونوا وسطاء نزيهين، نجد كثيرًا منهم يمارسون دور “البواب الحارس”، حيث يتحكمون في المعلومات التي تصل إلى القيادة، ويصنعون هالة من العزلة حول المسؤول، مما يخلق فجوة بينه وبين الواقع.

ما هي النتيجة لأفعالهم ؟ قرارات غير واقعية، سوء تقدير للأوضاع، واتخاذ إجراءات قد تزيد الأزمات تعقيدًا بدلًا من حلها.
أحد أخطر الأدوار التي يلعبها بعض مدراء المكاتب هو استغلال نفوذهم لتحقيق مكاسب شخصية، عبر المتاجرة بالمناصب والمصالح، وفرض سماسرة حول المسؤولين لتمرير الصفقات المشبوهة. بل وصل الأمر ببعضهم إلى استغلال صلاحياتهم لمنع أصحاب الكفاءة والنزاهة من الوصول إلى القيادة، بينما يُفتح الباب واسعًا أمام أصحاب المصالح الضيقة وأصحاب الولاءات الخاصة.
التلاعب بالمعلومات والتقارير
يعتمد المسؤول في اتخاذ قراراته على التقارير والمعلومات التي تصله، لكن ماذا لو كانت هذه التقارير مزيفة أو مُعدّلة لتناسب أجندة معينة؟ كثير من مدراء المكاتب يتحكمون في نوعية التقارير التي تصل إلى المسؤول، ويخفون الحقائق التي قد تؤثر على نفوذهم أو تكشف عن تقصيرهم.
هكذا يجد المسؤول نفسه داخل “فقاعة من الأكاذيب”، معتقدًا أن كل شيء يسير على ما يرام، بينما الواقع مختلف تمامًا. وحين تنفجر الأوضاع، يكون الوقت قد تأخر على الإصلاح.

كيف يؤثر ذلك على استقرار الدولة؟
عندما يُحرم المواطن من الوصول إلى صانع القرار، وعندما تدار الدولة عبر طبقة وسيطة غير نزيهة، فإن ذلك يقود إلى عدة نتائج خطيرة:
أولاً تزايد الغضب الشعبي: عندما يشعر المواطن بالتجاهل والتهميش، فإن الاحتقان الاجتماعي يتصاعد، مما قد يؤدي إلى احتجاجات واسعة وعدم استقرار.
ثانياً ضعف الدولة: المسؤول الذي يُعزل عن شعبه يصبح غير قادر على اتخاذ قرارات صحيحة، مما يؤدي إلى تآكل مؤسسات الدولة من الداخل.
ثالثاً تمكين الفساد: عندما تتركز السلطة في يد مجموعة صغيرة، فإن الفساد يصبح أكثر انتشارًا، حيث تُدار الأمور بالمحسوبية لا بالكفاءة.
رابعاً تعطيل الإصلاحات: أي محاولة لإصلاح الأوضاع تواجه مقاومة من هذه الطبقة المستفيدة، والتي تعمل على إجهاض أي تغيير يهدد مصالحها.

ما الحل؟
لا يمكن تجاوز هذه المشكلة إلا من خلال إجراءات حاسمة، منها:
فتح قنوات مباشرة بين المسؤولين والمواطنين، عبر وسائل تواصل فعالة تضمن وصول الشكاوى والمقترحات دون وسيط.
مراقبة ومحاسبة مدراء المكاتب، والتأكد من أنهم لا يتحولون إلى مراكز قوى غير رسمية تتحكم في قرارات الدولة.
تعزيز الشفافية، من خلال نشر القرارات والسياسات بوضوح، وإلزام المسؤولين باللقاء المباشر مع المواطنين وممثليهم.
فرض رقابة على التقارير والمعلومات، بحيث يتم التأكد من صحتها عبر أكثر من مصدر، وليس من خلال أشخاص محدودين قد تكون لهم أجنداتهم الخاصة.
أقول ختاماً إن مدراء مكاتب المسؤولين، عندما يتحولون إلى حراس بوابات معزولة، يصبحون عقبة حقيقية أمام الإصلاح، وخطرًا على استقرار السودان. إذ لا يمكن لدولة أن تنهض ومسؤولوها محاطون بجدران من الخداع والتضليل. المطلوب اليوم هو كسر هذه الدائرة المغلقة، وإعادة بناء الثقة بين القيادة والشعب، لأن أي إصلاح حقيقي يبدأ من هناك.
معاً لتدمير امبراطورية الفساد المخفية.
#من_اجل_صناعة_مجد_السودان
تحياتي
د/ أشرف الطاهر حماد
الأمين العام للجهاز الشعبي لنهضة السودان

ليصلك كل جديد انضم لقروب الواتس آب

Leave a Response

عشرين − ثمانية =