المقالات

صالون_الريس المأساة المركبة

56views

#صالون_الريس
المأساة المركبة
د/أشرف الريس

أعزائي القراء الكرام تحيةً واحترام وبسم الله نبدأ الكلام.. في عمق ولاية شمال دارفور، تحوّل معسكر “زمزم” من ملاذ مؤقت للنازحين إلى مسرح مفتوح للجرائم ضد الإنسانية، ومرآة سوداء لانهيار القيم الإنسانية في عالم يتشدّق بالعدالة والحقوق.
زمزم، الذي كان يأوي آلاف العائلات الهاربة من جحيم الحرب، بات اليوم شاهدًا حيًا على مأساة مركّبة، إبادة جماعية ممنهجة، اغتصابات، تجويع متعمّد، وخرق سافر لكل ما نصّت عليه المواثيق الدولية.
ما حدث في زمزم ليس مجرد كارثة إنسانية، بل انهيار شامل لمنظومة الأخلاق، حيث اجتاحت مليشيات الدعم السريع المتمردة المعسكر، ونفّذت جرائمها بوحشية مذهلة، تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي، الذي اكتفى بالبيانات والتنديد.
حُرقت المساكن على رؤوس ساكنيها، واغتُصبت النساء والفتيات أمام أعين ذويهن، وسُحبت الأرواح من أجساد الأطفال وكبار السن بلا رحمة، فقط لأنهم “ينتمون” للجهة الخطأ أو يحملون ملامح الضحية في جغرافيا المنكوبين.
رغم مناشدات الناجين وصرخات المنظمات الحقوقية، لم يُتخذ أي تحرّك فعّال لحماية المدنيين أو محاسبة الجناة. بل إنّ صمت المجتمع الدولي، بمؤسساته الأممية والإقليمية، بات يُفسَّر اليوم كتواطؤ مباشر، أو في أحسن الأحوال، تجاهل متعمّد.
يرى العالم أجمع أرقاماً تتحدث عن مأساة شعب وتشير التقديرات إلى مقتل المئات، واختفاء المئات قسرًا، في حين لا تزال المئات من النساء ضحايا العنف الجنسي يفتقدن لأبسط سبل الدعم النفسي أو الصحي. وتم تهجير آلاف العائلات مجددًا من داخل المعسكر نفسه، في مشهد تراجيدي يعكس عمق الانهيار.
ما يجري في زمزم لا يجب أن يُطوى في أرشيف الكوارث المنسية. هذه إبادة جماعية مكتملة الأركان، وجرائم تُرتكب ضد الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، تستوجب تحركًا دوليًا عاجلًا، ومحاسبة شاملة لكل من تلطخت يداه بدم الأبرياء.
وأقول ختاماً إن صمتنا اليوم هو مشاركة في الجريمة، ومهما طال الظلام، فإن الضوء يبدأ بكلمة، وصرخة، وموقف.

#من_اجل_صناعة_مجد_السودان
تحياتي

ليصلك كل جديد انضم لقروب الواتس آب

Leave a Response

تسعة + 7 =