المقالات

صالون_الريس من المحنة إلى المنحة: كيف يحوّل السودان التهديد إلى فرصة؟  د. أشرف الريس

101views

#صالون_الريس

من المحنة إلى المنحة: كيف يحوّل السودان التهديد إلى فرصة؟

د. أشرف الريس
23 / 6 / 2025

أعزائي القراء الكرام تحيةً واحترام ،وبسم الله نبدأ الكلام… في ظل اشتداد الصراعات الدولية، وارتفاع منسوب التوترات الجيوسياسية على نحوٍ غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، يلوح في الأفق خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة، قد تعيد تشكيل موازين القوى وتفرض وقائع جديدة على خارطة النفوذ العالمي. وفي مثل هذه المنعطفات الكبرى، لا مكان للحياد الكسول، ولا وقت للتردد أو العشوائية.

إن السودان، بوصفه دولة ذات موقع استراتيجي بالغ الحساسية بين البحر الأحمر والقرن الإفريقي، وبتاريخه العريق وثرواته الكامنة، يواجه خيارًا مصيريًا: إما أن يكون فاعلًا يحسن التموضع ضمن التحولات المقبلة، أو أن يظل ضحية تُعاد صياغتها على مائدة القوى الكبرى.

السودان اليوم لا يواجه فقط تحديات داخلية أمنية واقتصادية، بل يقف أيضًا على مشارف إعصار دولي تتقاطع فيه المصالح الكبرى، وتُستخدم فيه الدول الضعيفة كبيادق على رقعة شطرنج ضخمة. وإذا اندلعت هذه الحرب الكونية المتوقعة دون أن يكون للسودان رؤية إستراتيجية محكمة، واستعداد شامل على المستويات الأمنية والسياسية والدبلوماسية، فإن ذلك سيمثل تهديدًا وجوديًا للدولة السودانية، لوحدتها، لحدودها، ولحق شعبها في البقاء والكرامة.

ومع ذلك، فإن التاريخ يعلمنا أن الأمم العظيمة لا تُبنى في أوقات الراحة، بل في لحظات التحدي والانبعاث. إن إدراكنا العميق لهذا الواقع المركب، واستيفاءنا للترتيبات الإستراتيجية المناسبة، قادران على تحويل المحنة إلى منحة.

ففي ظل إعادة تشكيل التحالفات العالمية، يمكن للسودان – إذا ما أحسن التموضع – أن يصبح عقدة مصالح إقليمية ودولية لا غنى عنها. لكن هذا لا يتم بالرغبات، بل بخطط واقعية واستباقية تشمل الكبسولات التالية:
💊 إعادة تعريف العقيدة الاستراتيجية للدولة على ضوء التحولات الجارية، لضمان وحدة الجبهة الداخلية واستعداد القوات المسلحة وقوات الأمن للتحديات غير التقليدية.
💊إطلاق دبلوماسية سودانية هجومية تقوم على التحرك الذكي، وتوازن المصالح، والانفتاح المتعدد، دون الارتهان لأي محور.
💊 إعادة بناء الدولة المركزية القادرة عبر مشروع وطني جامع يتجاوز الحروب الأهلية والانقسامات القبلية، ويركز على استعادة هيبة الدولة وعدالة الحكم وتوزيع الموارد.
💊 الاستثمار في العمق الإفريقي والعربي كجزء من استراتيجية شراكات استراتيجية عابرة للحدود، تضمن للسودان دورًا محوريًا في أي ترتيبات إقليمية مستقبلية.
💊تأهيل الموارد البشرية وبناء الكادر الوطني القادر على إدارة لحظة التحول، بوعي استراتيجي، لا بعقلية الإدارة الروتينية أو الولاءات الضيقة.

ربما لا نملك اليوم كل مقومات القوة، ولكن نملك شيئًا أعظم: الإرادة إذا توفرت، والبوصلة إذا وُجهت، والرؤية إذا نضجت. وما بين الخطر المحدق والفرصة الذهبية، تقف الإرادة السياسية والشعبية كعامل الحسم. فإما أن نستعد لحرب لا تبقي ولا تذر، أو نُبادر لصنع قدرنا في لحظة يعاد فيها رسم وجه العالم.

وأقول ختاماً :إن السودان اليوم مدعو – لا لأن ينتظر ما يُفرض عليه – بل لأن يصوغ دوره في هذه المرحلة الحساسة بأدوات التفكير العميق، والشجاعة الوطنية، والقدرة على التقاط لحظة التحول التاريخية.

فالمنحة ليست بعيدة عن المحنة، إن وعينا الدرس، وأعددنا العدة، وامتلكنا القرار.

#من_اجل_صناعة_مجد_السودان
تحياتي

د/أشرف الطاهر حماد
رئيس الجهاز الشعبي لنهضة السودان

ليصلك كل جديد انضم لقروب الواتس آب

Leave a Response

18 + تسعة عشر =